على السابق من بيان قدرته والدليل على وحدانيّته وتعداد نعمه. والإنسان يعني به آدم عليهالسلام والصلصال هو الطين اليابس ، وقيل هو الحمأ المنتن وكلاهما صحيح ، والفخّار هو الآجّر والخزف الذي يصنع من المواد الصلصالية (وَخَلَقَ) كذلك بقدرته (الْجَانَ) ولكن (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) أي من نار مختلط أحمرها وأبيضها وأسودها. وقيل إن المارج هو الصافي من لهب النار الذي ليس فيه دخان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟) يعني بأية نعمة من ذلك يكذب الثقلان بعد أن جعلكما على الصورة المعلومة بعد خلقكما بالطريقة المبيّنة؟
١٧ و ١٨ ـ (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ...) يعني مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغرب كلّ منهما. وقيل هما مشرقا الشمس والقمر ومغرباها ، فبيّن قدرته على ذلك وقال سبحانه : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟).
١٩ إلى ٢١ ـ (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ...) البحران هما العذب والمالح يلتقيان فلا يختلط ماؤهما (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) أي حاجز من قدرته جلّ وعلا (لا يَبْغِيانِ) لا يبغي المالح على العذب فيفسده ، ولا العذب على المالح فيمتزج به. ومعنى (مَرَجَ) : أرسل وأطلق طرفيهما. ومزج وقيل إن البحرين هما بحر فارس وبحر الروم فإن طرف هذا يتصل بطرف ذاك ، والبرزخ بينهما الجزائر الواقعة هناك ، فمع هذه المعجزة الغريبة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟).
٢٢ و ٢٣ ـ (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ...) قيل : اللؤلؤ هو درّ البحر الكبير ، والمرجان صغاره ، وهما معروفان. فاللؤلؤ أبيض لمّاع ثمين ، والمرجان حبيبات حمراء تختلف في الكبر والصغر وتكون قضبانا من نباتات البحر. ولا يكونان إلّا في البحر المالح دون العذب ، ولأنهما متصلان قال سبحانه (يَخْرُجُ مِنْهُمَا) في حين أنه يخرج من واحد دون الآخر. وفي المجمع عن سلمان المحمّدي وسعيد بن جبير وسفيان الثوري