(أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى) كان متمولا وكبيرا في عشيرته (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) فانك تتصدّى : تتعرض له كما يتعرّض الصديات للماء فتقبل عليه بوجهك وتعتني به (وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) يلزمك أنت شخصيّا إن لم يسلم ولم يتطهّر من كفره؟ (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) أمّا الذي قصدك ساعيا في طلب الخير ، وهو عبد الله بن أم مكتوم (وَهُوَ يَخْشى) الله أي يخافه (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) فأنت تتلهّى وتتشاغل عنه وتغفل أمره.
* * *
(كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣))
١١ ـ ٢٣ ـ (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ... كَلَّا) أي امتنع عن ذلك وانزجر عنه (إِنَّها تَذْكِرَةٌ) أي أن آيات ربّك هذه تذكرة لك وموعظة لسائر الناس (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي من أراد لنفسه الخير ذكر الآيات والقرآن والوعظ والانتفاع. وهذا يدل على أن العبد مريد مختار قادر على فعل ما يريده إذا استفاد من التذكرة التي هي (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ) هي القرآن العظيم القدر الجليل الشأن المثبت في اللوح المحفوظ ، وقيل إن الصحف هي كتب الأنبياء التي أنزلت عليهم (مَرْفُوعَةٍ) عالية عن كل دنس مرفوعة في السماء (مُطَهَّرَةٍ) مصونة عن أن تدنّسها أيدي الكفرة