الْآخِرَ) ذاك أن الأسوة الحسنة لا تكون إلا لمن يطمع بثواب الآخرة ويخاف من عقابه (وَمَنْ يَتَوَلَ) أي ينصرف ويعرض عن الاقتداء بهم فقد أخطأ طريق الصواب (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أي المستغني عن كل شيء فلا يضرّه تولّي من تولّ ولا مهاداة من عادى (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) أي فلعلّ الله يجعل بينكم وبينهم موالاة بأن يجمعكم على الإسلام ، فموالاة الكافرين لا تفيد من جهة ، والله تعالى قادر على هدايتهم للإيمان وتحصل تلك المودة بينكم وبينهم (وَاللهُ قَدِيرٌ) على تغيير ما في القلوب لأن كلّ شيء مقدور له (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يتجاوز عن معاصي عباده ويلطف بهم ويرحمهم إذا أسلموا وتابوا وأنابوا.
* * *
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩))
٨ و ٩ ـ (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ ...) أي لا يمنعكم الله عن مخالطة الذين لم يقاتلوكم (وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) ولا تعدّوا عليكم فاضطروكم لهجر وطنكم (أَنْ تَبَرُّوهُمْ) أي لا ينهاكم عن الوفاء لهم بالعهود (وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) أن تعدلوا في في معاملتهم. ولكن هذه الآية الكريمة منسوخة بقوله تعالى (اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) وقيل إن المقصود هم الذين آمنوا وأقاموا في