تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦))
٤ إلى ٦ ـ (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ ...) أي إذا نظرت إليهم يا محمد يعجبك حسنهم وجمالهم وتمام خلقتهم (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) وأنت تصغي لأقوالهم لأنهم يستعملون حسن المنطق والفصاحة والبلاغة (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) أي كأنهم تماثيل حسنة الصنع وأشباح حسنة الصّقل ولكنهم خالون من العقول والأفهام وقد شبههم لذلك بالخشب التي لا روح فيها ، فهم مظاهر معجبة ولكنها فارغة من الجوهر (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) أي يظنّون كل صرخة مهلكة تكون موجهة إليهم لأنهم يعرفون أنفسهم ويخشون أن يكون قد انكشف أمرهم ، وقيل إنهم كلّما نزلت آية خافوا أن تكشف حالهم لما علموا من نفاقهم وغشّ قلوبهم ، ولذلك قال سبحانه لرسوله (ص) : (هُمُ الْعَدُوُّ) أي هم أعداؤك وأعداء المؤمنين حقيقة (فَاحْذَرْهُمْ) احترس من أن تأمنهم على سرّ من أسرارك وتجنّبهم (قاتَلَهُمُ اللهُ) يعني أخزاهم وحرمهم من مرضاته ولعنهم. وقيل إنه دعاء عليهم بالقتل (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي أنّى ينحرفون عن الحق ويتّبعون الإفك والكذب (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) أي هلمّوا إلى رسول الله تائبين ممّا أنتم عليه (لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) أي حرّكوها هزءا وسخرية من هذا القول مستخفّين بهذا القول ومعرضين عن الحق لشدّة كرههم للنبيّ (ص) كفرا واستكبارا وعنجهية (وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ) أي رأيتهم يا محمد يمنعون الناس عن الحق (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) متعجرفين مستهزئين باستغفار النبي (ص).
ثم ذكر سبحانه أن استغفار رسوله (ص) لا ينفعهم شيئا لكفرهم وعنادهم وشركهم ، والله تعالى لا يغفر أن يشرك به فقال لنبيّه (ص) : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) أي