لِلْبَشَرِ) أي مخوّفا ومنذرا ومحذّرا ممن ينبغي الحذر منه. وكلّ نبيّ نذير لقومه. وقد قيل إنه جلّ وعزّ وصف النار بأنها نذير للناس. أما نصب (نَذِيراً) فقيل إنه على الحال وذو الحال الضمير في إحدى الكبر العائد الى الهاء في (إِنَّها) وهي كناية على النار ، وتذكيره بناء على قولهم : امرأة طالق ، وقيل أيضا إنه حال يتعلّق بأول السورة ، أي : يا أيّها المدّثر قم نذيرا للبشر والأول أقرب للمعقول (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) أي ان يتقدّم في طاعة الله أو يتأخر عنها بارتكاب المعاصي ، فهذا الإنذار متوجه لمن يتمكن من اجتناب المعاصي واتّقاء العذاب بفعل الطاعات. وروى محمد بن الفضيل عن أبي الفضل عن أبي الحسن عليهالسلام أنه قال ؛ كلّ من تقدّم إلى ولايتنا تأخّر عن سقر ، وكلّ من تأخّر عن ولايتنا تقدّم إلى سقر.
* * *
(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨))
٣٨ ـ ٤٨ ـ (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ...) أي ان كلّ نفس مرهونة بعملها حبيسة مطالبة بما جنته من طاعات أو من معاصي (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) أي ما عدا الذين يعطون كتبهم بأيمانهم ، وهم المؤمنون العاملون للصالحات المستحقّون للثواب. وفي المجمع عن الباقر عليهالسلام قال : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ) أي يسأل بعضهم