الأشجار كثيرة وسكت عنها سبحانه لأنّه ليس في الأشجار شجر أكثر بركة من النّخل وأكثر فائدة منه وتترتّب عليه بركات وفوائد عظيمة في الجامعة البشريّة من حيث أعواد النخلة وثمارها وأليافها ونواة ثمرتها ، وكم من فوائد أخر تترتّب عليها بحيث يجرّ إحصائها بتمامها إلى الملال ، وإجمالها ما من شجر من الأشجار الّتي خلقها الله جلّ وعلا أكثر نفعا وبركة من النخل إذ لا يرمى شيء منها وليس شجر من الأشجار مثله على ما ببالي ، وهذا شأن اختصاصها بالذّكر دون غيرها والله أعلم. وقوله تعالى (وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أي جدبا خلاف الخصب وبمعنى القحط أي يظهر فيه عدم الأرزاق أو قلّتها وهذا القحط غالبا ما يكون في البلاد الّتي لا تمطر فيها ولا يوجد الماء إلّا قليلا فيقع في البلد قحط وغلاء ، ذلك أن الماء هو سبب كلّ خصب وازدهار ونعيم ، وهو نعمة من الله تنعش العباد وتحيي البلاد. (كذلك الخروج) أي كما أنزلنا الماء من السّماء وأخرجنا به النّبات من الأرض وأحيينا به البلدة الميّتة يكون خروجكم أحياء بعد موتكم. وهو جواب لقولهم (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ).
* * *
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥))
١٢ إلى ١٤ ـ (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ ...) الذين رسّوا نبيّهم في الأرض أي حفروا له فيها. وقيل هو اسم نهر في بلاد الشرق واسمه كان (رسّ) وقد قتلوا نبيّهم ودفنوه في ذلك النهر ، وذلك