والظلام ينشئان منها بشروق الشمس وغروبها (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) أي بعد خلق السماء بسط الأرض ، والدحو هو البسط ، وقيل إن الأرض كانت ربوة تحت الكعبة فبسطها سبحانه من هناك ، ثم (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) أي فجّر العيون والينابيع والأنهار ، وأنبت فيها ما يأكله الإنسان والحيوانات وما تحصل منه سائر أرزاق الأحياء (وَالْجِبالَ أَرْساها) أي ثبّتها في الأرض فجعلها راسية فكانت الأرض هكذا (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) أي أوجد فيها ما تستمتعون به أنتم وأنعامكم مما تخرجه الأرض من خيراتها العميمة. وقد دلّ بذلك كلّه على قدرته سبحانه على البعث كما قدر على إيجاد هذه الأشياء وعلى إيجادكم.
* * *
(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (٤١))
٣٤ ـ ٤١ ـ (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى ...) أي إذا جاءت القيامة الهائلة المخيفة التي تطمّ على كل مصيبة وكل داهية مخيفة وتغلبها وتفوقها. فالقيامة داهية عظمي تتجلّى عظمتها في الفصل ، حيث يساق أهل الجنة ، إلى الجنّة وأهل النار إلى النار (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) أي يكون ذلك التذكّر لما قدّمه الإنسان من عمل حين مجيء تلك الطامة الكبرى إذا بدت الجنّة للمؤمنين (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) أي أظهرت النار (لِمَنْ يَرى) من الخلق بحيث يراها جميع الخلائق رأي العين ويشاهدون أهوالها (فَأَمَّا مَنْ طَغى) أي فأمّا الذي تجاوز حدود الله وعصى أوامره (وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) أي فضّلها على الآخرة وقدّمها عليها (فَإِنَ