محذّر يخوّفكم من هذا المصير التعيس؟ (قالُوا بَلى) ردّوا بالإيجاب مصرّحين بنعم (قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا) فلم نصدّقه (وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) فلم نقبل منه وأنكرنا أن تكون دعوته صادرة عن الله تعالى ، فيجيبهم الملائكة قائلين : (إذن أنتم) أي ما أنتم (إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) أي في ذهاب عن الصواب وضياع عن الحق.
١٠ و ١١ ـ (وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ...) فأجاب الكفرة قائلين : لو كنّا نسمع من الرّسل في دار الدنيا ، أو نعقل ما قالوه لنا ونميّز الحقّ من الباطل (ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) ما كنّا من أهل النار الملتهبة. وفي الحديث عن ابن عمر أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : إن الرجل ليكون من أهل الجهاد ومن أهل الصلاة والصيام ، وممّن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وما يجزى يوم القيامة إلا على قدر عقله (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) أي أقرّوا بما ارتكبوه من الكفر والعناد ولم يسعهم إلّا الإقرار (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) أي أسحق الله أهل النار وأبعدهم من النجاة. وهذا دعاء يدل على غضبه سبحانه وتعالى عليهم.
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤))
١٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ...) أي أن الذين يخافون عذاب ربّهم حال كونهم غائبين عن رؤية ذلك العذاب ، ومصدّقين به لمجرّد أقوال رسله الكرام ، فأولئك لهم عفو من ربّهم وتجاوز عن ذنوبهم