وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١))
٦ ـ آخر السورة ـ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ...) بعد تطمين قلب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن الله تبارك وتعالى لم يهجره ولا قلاه ، أخذ يعدّد نعمه سبحانه عليه في الدنيا فقال : ألم تكن يتيم الأب والأم فآويتك إلى كنف عبد المطّلب وسخّرته لتربيتك وتعهّدك ، ثم عند ما مات آويتك إلى ظل أبي طالب فحماك وقدّمك على أولاده ودافع عنك؟ فقد مات أبوه (ص) وهو في بطن أمّه ، ثم ماتت أمّه وهو ابن سنتين ، ومات جدّه عبد المطلب وهو ابن ثماني سنين ، فأخذه أبو طالب وبقي في حماه لما بعد البعثة. وقد سئل الإمام الصادق عليهالسلام : لم أوتم النبيّ صلىاللهعليهوآله عن أبويه؟ فقال : لئلّا يكون لمخلوق عليه حق. فقد آواك ربّك يا محمد بعد اليتم وحماك (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) أي غائب الفكر عمّا أنت فيه الآن من النبوّة والرسالة فهداك. وهذا مثل قوله تعالى : ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، ومثل قوله أيضا : وإن كنت من قبله لمن الغافلين فالضلال هنا عدم العلم بالشيء وانصراف الذهن عنه. وقيل في معناه : وجدك متحيّرا في معاشك فهداك إلى ذلك ، ففي الحديث عن أبي مسلم : نصرت بالرّعب ، وجعل رزقي في ظلّ رمحي ، أي في جهاد الكفّار. وقيل أيضا : وجدك مضلولا عنك فهدى قومك إلى معرفتك وأرشدهم إلى أمرك (وَوَجَدَكَ عائِلاً) أي فقيرا لا تملك مالا (فَأَغْنى) فأغناك بمال خديجة وبالغنائم وبالقناعة والرضى بما أعطاك فصرت غنيّ النفس. وفي العياشي عن الإمام الرضا عليهالسلام في قوله : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى) ، قال : فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك. (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) ، أي ضالّة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك. ووجد له عائلا : تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك .. ثم أوصاه سبحانه قائلا :