أصحّاء يتمكّنون من الإتيان به حين أمروا بالصلاة فلم يفعلوا. وفي المرويّ عن الصادقين عليهماالسلام أنهما قالا : في هذه الآية أفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر لما رهقهم من الندامة والخزي والمذلّة ، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ، أي يستطيعون الأخذ بما أمروا به والتّرك لما نهوا عنه ، ولذلك ابتلوا. وقال قتادة ومجاهد : يؤذّن المؤذّن يوم القيامة فيسجد المؤمن ، وتصلب ظهور المنافقين ، فيصير سجود المؤمنين حسرة على المنافقين وندامة.
٤٤ و ٤٥ ـ (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ ...) أي فاترك يا محمد أمر هؤلاء المنافقين لي. وهذا كقولك : دعني وإياه ، أو : اتركه عليّ. وهذا يعني : خلّ بيني وبين المكذّبين بهذا الحديث : أي القرآن ولا تشغل نفسك بأمرهم فأنا أكفيك ذلك (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) سنأخذهم للعذاب استدراجا (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) فيصلون إليه دون ان يشعروا كيف اقتدناهم إليه (وَ) أنا (أُمْلِي لَهُمْ) أطيل أعمارهم ولا أستعجل عذابهم لأنهم لن يهربوا من ملكي وسلطاني (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) إن تدبيري قويّ محكم وعذابي شديد.
* * *
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠) وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (٥٢))