٤٦ و ٤٧ ـ (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً ...) الخطاب موجه للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومعطوف على قوله السابق : أم لكم كتاب فيه تدرسون ، وهو يعني أم تسأل يا محمد هؤلاء الكفّار أجرا على أداء الرسالة والدعوة إلى عبادة الله (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) أي فإنهم يستثقلون لزوم ذلك عليهم (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) أي هل عندهم معرفة صادقة بصحة ما يزعمونه ولا يعرف ذلك غيرهم (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) يسجّلون ذلك الذي يظهرونه من مزاعمهم كأنهم استأثروا بمعرفتها وحدهم ،.
٤٨ إلى ٥٠ ـ (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ ...) أي اصبر يا محمد على ما تلقاه في سبيل إبلاغ دعوتك إلى أن يحكم الله تعالى بنصرك عليهم فتقهرهم وتكون لك الغلبة عليهم ، ولا تكن كيونس عليهالسلام ـ الذي هو صاحب الحوت ـ الذي استعجل عقاب قومه ودعا بإهلاكهم وخرج من بينهم منتظرا نزول العذاب عليهم. فلا تخرج من بين قومك حتى نأذن لك ولا تفعل فعل صاحب الحوت الذي (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) لولا أن أدركته رحمة ربّه وشمله عفوه حين دعا ربّه قائلا : لا إله إلّا أنت ، سبحانك إني كنت من الظالمين ، لما نجا ، ولكنه استجاب له وخلّصه من بطن الحوت كما مرّ في قصته. فلو لا أنه أدركته رحمة ربّه (لَنُبِذَ بِالْعَراءِ) أي طرح في الفضاء (وَهُوَ مَذْمُومٌ) ملوم على ما فعله من استعجال عقاب قومه ، ولكنه تاب وأناب فنّجاه الله وسمع دعائه (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) اختاره نبيّا (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) المرضيّين عنده المطيعين له.
٥١ و ٥٢ ـ (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ ...) لفظة (إِنْ) هذه ، هي المخففة من (إِنْ) وتقدير الكلام : وإنّه يكاد ، أي يوشك ويقارب الذين كفروا أن يزلقونك : يزهقونك بأبصارهم فيقتلونك بالإصابة بالعين. وقيل معناه : ينظرون إليك عند تلاوة القرآن والدعاء الى التوحيد ، نظر عداوة وبغض وإنكار لما يسمعونه وتعجّب منه ، فيكادون