ابن مسعود قال : الصلاة مكيال ، فمن وفى وفى الله له ، ومن طفّف قد سمعتم ما قال الله في المطفّفين ، وبعد هذا التحذير من بخس المكيال والميزان لفت الله تعالى نظر خلقه إلى غفلة المطفّفين وأمثالهم عن أوامره ونواهيه فسأل متعجبا (أَلا يَظُنُ) أي أفلا يعتقد (أُولئِكَ) المخسرون (أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) معادون أحياء (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) هو يوم القيامة الذي وصفه بالعظمة لما فيه من العدل الذي لا تتحمّله نفوس البشر ، وذلك (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) بعد الموت (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي لأمره وبأمره للجزاء والحساب. وفي الحديث أنهم يقومون حتى يبلغ الرشح ـ أي العرق ـ إلى أطراف آذانهم ، وذلك من شدة الفزع والهلع. ويمكن أن يكون معنى الشريفة ألا يحسب هؤلاء أنهم يبعثون؟ لأن من ظنّ الحساب ، والجزاء فإنه يجب عليه أن يتحرّز منه ويخاف من الحساب ، وذلك كمن يتحرّز من سلوك طريق فيتجنبه ويحيد عنه عقلا. وأورد مسلم في صحيحة عن المقداد بن الأسود أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون الشمس بقدر ميل أو ميلين. ثم قال : صهرتهم الشمس فيكونون في العرق بقدر أعمالهم ، فمنهم من يأخذه إلى عقبه ومنهم من يلجمه إلجاما ، وقال : فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يشير بيده إلى فيه ويقول : يلجمه إلجاما. فنستجير بالله من شر ذلك اليوم.
* * *
(يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلاَّ بَلْ رانَ