لتحصيل معايشهم وأرزاقهم ، كما هدى الناس إلى دينه ومعرفة توحيده وأعطاهم الاقتدار على الاختيار والتمييز بين الحسن والقبيح وإلى ما فيه الخير منذ أن كانوا صغارا ، فهدى الطفل إلى ثدي أمّه إلى أن كبر فدلّه على ما فيه مصلحته ليطلبها وعلى ما فيه ضرره فيتجنّبه. وقيل : قدّر الولد في البطن تسعة أشهر أو أكثر ، وهداه للخروج منه حين تمام الحمل ، كما قيل : قدّر المنافع في جميع الأشياء وهدى الناس لاستخراجها منها ، إذ جعل بعضها غذاء وبعضها دواء وبعضها ضارّا أو سامّا (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) أي أنبت العشب والكلأ لمنافع الحيوانات (فَجَعَلَهُ) أي المرعى (غُثاءً أَحْوى) يعني جعله بعد الخضرة هشيما جافا أسود بعد أن كان أخضر ، وذلك أن العشب إذا يبس اسودّ. وقيل (أَحْوى) تعني أنه أخضر شديد الخضرة يميل إلى السواد. والغثاء لغة : هو ما يقذف به السيل على جانب مجاري المياه من الحشيش والنبات ومن الأخلاط المختلفة ، فهو سبحانه الذي خلق المرعى أخضر ثم صيّره يابسا هشيما تذروه الرياح أو يجرفه السيل ، وقد قدّر سبحانه أن تكون أعشاب المراعي غذاء للحيوان في الحالتين ، أي حين تكون خضراء وحين تصير يابسة.
* * *
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣))
٦ ـ ١٣ ـ (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ، إِلَّا ما شاءَ اللهُ ...) أي سنعلمك قراءة القرآن يا محمد فلا تنساها. وقيل سيقرأه عليك جبرائيل (ع) بأمرنا فلا تنساه بعد سماعه منه. وعن ابن عباس أن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان إذا