وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤))
٥ ـ ٧ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً ...) أي قال نوح عليهالسلام : يا ربّ إني دعوت قومي إلى توحيدك وعبادتك وترك الشّرك ، وإلى الاعتراف بنبوّتي ، وفعلت ذلك معهم ليلا ونهارا (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) أي فكانوا ينفرون من دعوتي ، وكلمّا كررتها عليهم كانوا يفرّون مني ولا يقبلون قولي (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ) إلى الوحدانية والإخلاص في العبودية لك (لِتَغْفِرَ لَهُمْ) لتعفو عن سيئاتهم وتمحو ذنوبهم (جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) أي سدّوا آذانهم بأصابعهم حتى لا يسمعوا كلامي (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) غطّوا وجوههم بثيابهم حتى لا يروني (وَأَصَرُّوا) داموا وأقاموا على كفرهم وعنادهم (وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) أي : أنفوا وتكبّروا وترفّعوا عن قبول الحق ، وقيل إن الرجل منهم كان يذهب بابنه إلى نوح عليهالسلام فيقول له : احذر هذا لا يغوينّك ، فإنّ أبي قد ذهب بي إليه وأنا مثلك فحذّرني مثل ما حذّرتك.
٨ ـ ١٢ ـ (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً ...) أي أنني دعوتكم سرّا وعلانية. وقيل إنه سلام الله عليه أعلن الدعوة مع جماعة وأسرّها مع جماعة ثم عكس ذلك فأعلنها إلى هؤلاء وأسرّها مع أولئك ، وذهب معهم كل مذهب وألان لهم جانبه فما أجابوا دعوته (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) اطلبوا منه المغفرة والعفو عن معاصيكم وكفركم (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) يتجاوز عمّن استغفره إذا تاب وأناب ، فافعلوا ذلك (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) أي يمطركم بالغيث ويجعل السماء كثيرة الإدرار عليكم. وقيل إنه عليهالسلام قال لهم ذلك في وقت كانوا قد أصيبوا فيه بقحط شديد وهلك أولادهم فرغّبهم بذلك وأطمعهم برحمة الله تعالى