شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً (٣٠))
١٧ ـ ٢٠ ـ (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً ...) بعد بيان آيات الخلق الدالّة على عظمته سبحانه ، أكد قائلا : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) أي أن اليوم الذي يفصل فيه الله تعالى بين الخلائق ويقضي بينهم ، هو (ميقات) : موعد محدّد لما وعد به سبحانه من البعث والحساب والثواب والعقاب ، وهو معيّن بوقت محتوم (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) مرّ تفسيره (فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) فتجيئون جماعات جماعات وزمرا زمرا حتى تكتملوا للحساب ، ويكون كلّ شكل مع شكله ، بل قيل تأتي كلّ أمّة مع نبيّها (وَفُتِحَتِ السَّماءُ) أي انشقّت لتنزل منها الملائكة (فَكانَتْ أَبْواباً) أي ذات أبواب وطرق ، ولم تكن كذلك قبل ذلك (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) أي أزيلت عن أماكنها ودكّت وذهبت وانهدّت وصارت كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء وهو ليس بماء. و (يَوْمَ يُنْفَخُ) منصوب لأنه بدل من يوم الفصل ، و (أَفْواجاً) نصبت على الحال من الضمير في (فَتَأْتُونَ) وفي المجمع عن البراء بن عازب : سأل معاذ بن جبل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) ، الآيات : فقال : يا معاذ سألت عن عظيم من الأمر ، ثم أرسل عينيه ـ أي بكى بدموع ـ ثم قال : يحشر عشرة أصناف من أمّتي أشتاتا قد ميّزهم الله من المسلمين وبدّل صورهم ، بعضهم على صورة القردة ، وبعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسّون أرجلهم من فوق ، ووجوههم من تحت ، ثم يسحبون عليها ، وبعضهم عمي يتردّدون ، وبعضهم بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فيسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذّرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطّعة أيديهم وأرجلهم ، وبعضهم مصلّبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيّف ، وبعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران