وأنها مشرفة على غيرها ، وعلو شرفها وجلالة مكانها بالنسبة إلى النار (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) أي لا تسمع في الجنّة كلمة لغو ولهو ولا فائدة منها (فِيها) أي في الجنّة (عَيْنٌ جارِيَةٌ) عبّر هنا سبحانه عن الجنس إذ لكل إنسان في قصره عين جارية من كل نوع من أنواع الشراب الذي يرغب فيه. وقد قال جارية لأن في العيون الجارية من الحسن والرونق والمنافع ما لا يوجد في العيون الواقفة ، فضلا عن أن عيون الجنّة تجري بغير أخاديد في الأرض ، وتسير حيث يريد صاحبها (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ) أي في الجنة سرر عالية ما لم يجيء أهلها إليها ، فإذا قصدوها تواضعت لهم وقد قال ابن عباس : ألواحها من ذهب ، مكللة بالزبرجد والدّر والياقوت. (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ) أي كؤوس موضوعة على حافات العيون وجوانبها إذا أراد المؤمن الشرب منها وجدها مملوءة ، وقيل هي الذهب والفضة والجواهر يجد فيها ما يشتهيه من الشراب وينظر إليها بمتعة وأنس وسرور لجمال منظرها (وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ) أي : وفيها ووسائد مرتبة بعضها إلى جانب بعض لتشكّل مجالس فاخرة (وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) يعني : وبسط فاخرة ، وطنافس مبسوطة وموزّعة هنا وهناك في نواحي المجلس. وعن عاصم بن ضمرة عن عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام أنه ذكر أهل الجنّة فقال : يجيئون فيدخلون ، فإذا أساس بيوتهم من جندل اللؤلؤ ، وسرر مرفوعة ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابيّ مبثوثة. ولو لا أن الله تعالى قدّرها لهم لالتمعت أبصارهم بما يرون. ويعانقون الأزواج ، ويقعدون على السّرر ، ويقولون الحمد لله الذي هدانا لهذا.
* * *
(وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦) أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ