كلّ نار لا تخلو من وقود عاديّ ، (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) أي حيث كان الكفار قاعدين من حوالي النار يعذّبون المؤمنين بها وهم على كراسيهم (وَهُمْ) يعني الملك وحاشيته الذين حفروا الأخدود وأمروا بالنار ، كانوا (عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ) من العرض على النار ، أو الرجوع إلى دينهم الوثنيّ (شُهُودٌ) حضور. وقال الربيع بن أنس ـ كما في المجمع ـ : لمّا ألقوا في النار نجّى الله المؤمنين بأن أخذ أرواحهم قبل أن تمسّهم النار ، وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفّار فأحرقتهم (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) أي ما حابوا عليهم وكرهوا منهم (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) إلّا إيمانهم وإسلامهم وتصديقهم بالله (الْعَزِيزِ) القويّ الذي لا يمتنع عليه شيء ولا يقهره شيء (الْحَمِيدِ) المحمود في سائر تدابيره وأفعاله (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو مالكهما المتصرف فيهما كيف شاء بلا منازع في ذلك ولا معارض (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي أنه شاهد عليهم أيضا لأنه شاهد على كل شيء ولم يغب عنه فعلهم وسيعاقبهم عليه لينصف منهم المؤمنين الذين عذّبوهم بالنار.
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢))