مرضاته فقال إن لهم الجنّة يتلذّذون بنعيمها ويتقلّبون في خيراتها ومسرّاتها ، ثم قال تعالى :
٣٥ إلى ٣٨ ـ (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ...) هذا استفهام إنكار ، أي لا نجعل المسلمين لنا كالمشركين بنا في الجزاء والثواب ، لأن الذين ارتكبوا جرم الكفر وعدم التصديق بما جاء به محمد صلىاللهعليهوآله وكانوا يقولون إن كان محمد صادقا فيما وعد به من البعث والحساب فإننا سنكون أحسن حالا ممّن اتّبعوه ، فوبّخهم الله تعالى وقال لا تكون حال المسلم والمجرم سواء في الآخرة (ما لَكُمْ) ماذا دهاكم (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) أي كيف تقضون بذلك من عندكم؟ وهذا تقريع شديد لهم واستهزاء بهم ، إذ لو كانوا ذوي عقول لما حكموا بذلك. و (كَيْفَ) هنا في محل نصب على الحال ، والتقدير : أجائرين تحكمون أم عادلين. كما يجوز أن تكون في محل مصدر بتقدير : أيّ حكم تحكمون ، وحينئذ تكون (تَحْكُمُونَ) في محل النصب على الحال : اي أيّ شيء ثبت لكم حال حكمكم كذلك (أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ) أي هل لكم كتاب لا تتعدّون أحكامه وشرائعه تعملون بما فيه ولا تلتفتون إلى ما يخالف أحكامه؟ وبما أنكم ليس لديكم ذلك فإن القرآن الكريم حجة عليكم ودلالاته قائمة إلى قيام الساعة وهي تلزمكم وتدينكم (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ) أي في كتابكم الذي هو غير موجود فعلا (لَما تَخَيَّرُونَ) ما تختارونه منه ، والأمر خلاف ذلك وعلى غير ما تهوى أنفسكم.
٣٩ ـ (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ...) أي هل لكم مواثيق مؤكّدة عاهدناكم بها تدوم الى يوم القيامة ولا يمكن نقضها معكم؟ (إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) يعني ما تقضون به لأنفسكم من الكرامة عند الله يوم حساب الخلائق. وهذا يعني أنّ ليس لهم ذلك قطعا ، ولذلك أتبعه بقوله عزوجل فيما يلي :
* * *