٤١ إلى ٤٤ ـ (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ...) ثم ذكر سبحانه أهل الشّمال الذين يقادون الى جهنّم لأنهم أوتوا كتبهم بشمائلهم ، وقال إنهم : (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ) السّموم هي الريح الشديدة الحرارة التي تدخل حرارتها في مسامّ البدن ، وكذلك الحميم فإنه الماء الحارّ المغليّ (وَ) هم كذلك في (ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) أي دخان أسود كثيف شديد السواد. وعن ابن عباس وقتادة وغيرهما أن (يَحْمُومٍ) جبل في جهنّم يستغيث أهل النار من حرّها ويفيئون إلى ظلّه الذي نعته سبحانه بأنّه (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) أي لا فيه برودة يستراح إليها ، ولا منفعة يحمدها من يأوي إليه لأنه لا يخفّف عنهم عذابا ولا يريح من تعب.
٤٥ إلى ٤٨ ـ (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ ...) أي أنهم كانوا في دار الدنيا مرفّهين متنعّمين يتركون الطاعات طلبا لراحة أبدانهم فقد شغلتهم لذة أجسادهم عن الواجبات فهجروها دفعا لمشقّتها (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) أي يقيمون ويداومون على الذنب الكبير. وقيل إن الحنث العظيم هو الشّرك الذي لا يتوبون منه (وَكانُوا يَقُولُونَ) عنادا وكفرا : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) وبليت أجسادنا (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) لعائدون إلى الحياة كما كنّا؟ فهم ينكرون البعث والحساب والثواب والعقاب ويستبعدون ذلك قائلين هل نبعث ونحشر أحياء (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) أي وأن آباءنا يبعثون أيضا؟ فهما استفهامان بمعنى الإنكار.
٤٩ إلى ٥٦ ـ (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ ...) أي قل لهم يا محمد : سيبعث الأولون والآخرون ، ويجمعون في صعيد القيامة ، من تقدّم من المخلوقين ومن تأخّر منذ آدم (ع) حتى آخر نسمة ستكونون مجموعين للحساب (إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) أي ليوم القيامة الذي يحشر فيه الأموات ويعودون أحياء للحساب والثواب والعقاب. فأكّد لهم ذلك يا محمد وقل : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ) الذين انحرفتم عن طريق الحق وجزتم الهدى (الْمُكَذِّبُونَ) بتوحيدنا وبأوامرنا ونواهينا ،