والضلال (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) وهي الملائكة التي تلقي الذّكر إلى الأنبياء وتلقيه الأنبياء ، إلى الأمم لهدايتها (عُذْراً أَوْ نُذْراً) أي أنها تلقي الذّكر للإعذار والإنذار من الله إلى خلقه. وهذه كلّها أقسم الله بها ، أي بربّها وموجدها ، إذ لا يجوز القسم إلّا به سبحانه ، ليؤكد (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) الذي هو جواب القسم الذي معناه أن ما وعدكم الله به من البعث والثواب والعقاب كائن بلا شكّ وأنكم محاسبون ومثابون أو معاقبون بدون ريب ، وقد أخذ سبحانه ببيان وقت وقوعه فقال به عزوجل :
* * *
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥))
٨ ـ ١٥ ـ (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ، وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ ...) أي فانتظروا يوم القيامة إذا محيت النجوم وزال ضوؤها ، وانشقّت السماء وتصدعت وظهرت فيها فروج وشقوق (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) اقتلعت من أصولها وأزيلت من أمكنتها بإذهابها بسرعة حتى لا يبقى لها أثر (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) أي جمعت في وقت معيّن لتشهد على الأمم (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) أي أخّرت وجعل لها أجل محدود. وقال الإمام الصادق عليهالسلام كما في المجمع ـ : أقّتت أي بعثت في أوقات مختلفة. وبعد هذا كلّه بيّن سبحانه أنها كلها علامات (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) أي حين يفضل الله تعالى بين العباد ، وقد عظّم تعالى شأن ذلك اليوم بسؤاله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) أي وأيّ شأن تعرف لذلك اليوم؟ وأخبر سبحانه عن حال المكذّبين بوقوع ذلك اليوم فقال : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) فهدّدهم وتوعّدهم لأنهم جحدوا بوقوعه وكان تكذيبهم به نابعا من كفرهم بالله وبرسله ومن