(١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥))
١١ ـ ١٥ ـ (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ ...) هذا من تمام ما قاله الجنّ ، أي أن منّا من يؤمن ويعمل الصالحات فيكون قد حسن إيمانه وعمله ، ومنّا من يكون دونهم في الرّتبة عقيدة وعملا ف (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً) أي كنا فرقا مختلفة متباينة في رسوخ عقيدتها وصلاح عملها ، فقد قال السدّي : الجنّ أمثالكم ، فيهم قدريّة ، ومرجئة ، ورافضة ، وشيعة (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ) أي علمنا يقينا أننا لن نفوت قدرة الله علينا إذا شاء بنا أمرا من الأمور لأنه قادر على أخذنا حين يريد (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) فإنه يدركنا إذا هربنا إذ نبقى تحت سلطانه وفي ملكه الذي وسع الكائنات والوجود (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ) أي حين استمعنا إلى القرآن الذي هو هدى للناس صدّقنا به (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ) يصدّق به ويوحّده ويعرف صفاته الكريمة ويخشاه (فَلا يَخافُ بَخْساً) لا يخشى نقصانا في الثواب الذي يستحقه (وَلا رَهَقاً) أي لا يخاف أن يلحق به ظلم ومكروه ، فلا ينقص من حسناته ولا يزاد من سيئاته. وفي هذا القول دليل على شدة إيمان قائليه من الجنّ الذين قالوا أيضا : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) الذين أذعنوا لما أمرهم الله تعالى به (وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) أي الحائدون عن طريق الحق ، فان القاسط هو الجائر عن الحق والمقسط هو العادل إلى الحق ، هما ضدّان (فَمَنْ أَسْلَمَ) استسلم لأمر الله (فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) أي فأولئك التمسوا الهدى وطلبوا الثواب ولم يزيغوا كالمشركين المكابرين (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ) العادلون عن الحق المائلون عن