(لَمَّا) بالتخفيف : يعني أنّ كلّ نفس لعليها حافظ يحفظها ويحفظ عملها ورزقها وأجلها وما يتعلّق بها.
* * *
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩) فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (١٠))
٥ ـ ١٠ ـ (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ...) بعد أن ذكر سبحانه عنايته بكل نفس بحيث سخّر ملائكة يحفظونها ، وذكر أنه تعالى يسجّل عليها أعمالها لينبّه إلى التفكّر والتدبّر ، قال عزّ من قائل : فلينظر المكذّب بالبعث (مِمَّ خُلِقَ) أي من أي شيء خلقه الله تعالى وكيف أنشأه حتى يعرف أن الذي ابتدأه من هذه النّطفة قادر على إعادته ، فإنه (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) أي من ماء منصبّ في رحم المرأة ، وهو المنيّ الذي يصير منه الولد ، وقد وصف سبحانه ذلك الماء بقوله : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) أي من بين صلب الرجل : ظهره ، وترائب المرأة : يعني موضع قلادتها من الصّدر ، أي بين الثديين. وهي بالضبط ملتقى عظام الصدر والنحر (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) أي : إن الله الذي خلق الإنسان من هذا الماء قادر على إرجاعه حيّا بعد الموت ، وذلك (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) أي يوم القيامة حين تظهر أعمال بني آدم التي أكثرها كان سرّا بينه وبين ربّه. و (تُبْلَى) معناها : تختبر ويظهر خيرها من شرّها. وعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ضمّن الله خلقه أربع خصال : الصلاة والزكاة وصوم رمضان ، والغسل من الجنابة ، وهي السرائر التي قال الله : يوم تبلى السرائر. وقد قيل إن الله تعالى يظهر أعمال كل أحد لأهل القيامة ليعلموا على أي شيء أثابه أو عاقبه ، ويكون