وقالت لهنّ : إذا دخل عليكنّ رسول الله (ص) فقلن له : إنّا نجد منك ريح المغافير ـ وهو صمغ العرفط الكريه الرائحة الذي قد تقع عليه النحلة ـ. وكان رسول الله (ص) يكره أن يصدر منه ريح غير طيّبة لأنه يأتيه الملك عليهالسلام. فدخل على حفصة فقالت : يا رسول الله ما هذه الريح التي أجدها منك ، أكلت المغافير؟ فقال : لا ، ولكن زينب سقتني عسلا. ثم دخل على عائشة فأخذت بأنفها فقال لها : ما شأنك؟ قالت أجد ريح المغافير ، أكلتها يا رسول الله؟ فقال : لا ، بل سقتني زينب عسلا. فقالت : جرست ـ أي لحست ـ نحلها العرفط. فقال (ص) : لن أعود إليه فنزلت الآيات.
وقيل أيضا إنه كان قد قسم الأيام بين نسائه ، فلمّا كان يوم حفصة قالت : يا رسول الله إن لي إلى أبي حاجة ، فأذن لي أن آتيه. فأذن لها ، فلما خرجت أرسل رسول الله (ص) إلى جاريته مارية القبطية فأدخلها بيت حفصة ، فرجعت حفصة فوجدتها عنده في بيتها ، فقالت : إنما أذنت لي من أجل أن أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي؟ أما ما رأيت لي حرمة وحقّا؟ فقال (ص) أليس هي جاريتي قد أحلّ الله ذلك لي؟ اسكتي فهي حرام عليّ ولا تجزي بهذا امرأة منهنّ وهو عندك أمانة. ولكنها أخبرت عائشة لأنهما كانتا متصافيتين فنزلت الآيات الكريمة. والحاصل أنه سبحانه قد ناداه قائلا (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) تشريفا له وتعليما للمكلّفين كيف يخاطبونه : لم تحرّم على نفسك بعض الأشياء اللذيذة (تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) أي طلبا لرضاهنّ مع أنهنّ هنّ أحقّ بطلب رضاك. وهذا لا يشكّل ذنبا كبيرا ولا صغيرا إذ لا عجب أن يحرّم الرجل على نفسه لذة ما ، أو امرأة ما ، لسبب أو لغير سبب ، بل ليس هذا الأمر بقبيح أصلا لأنه من الأمور الشخصية التي ليس فيها أيّة معصية ، وهو صلوات الله وسلامه عليه قال : خيركم ، خيركم لنسائه. لأنه لم يكن خير منه لنسائه بين الناس (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعفو عن عباده ويرحمهم إذا