فعلوا الأولى بالتقوى (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) أي قد قدّر لكم ما تتحلّلون به من أيمانكم إذا حصلت منكم ، ثم شرع لكم أن تحنثوا بها لتنحلّ ، والتحلّة هي الكفارة المتوجّبة على من أراد أن يرجع عن يمينه ليستبيح ما حرّمه على نفسه. وقد بيّن سبحانه أن التحريم لا يحصل إلّا بأمره سبحانه ونهيه ، ولا يصير الشيء حراما إلّا إذا حلف الإنسان على تركه وحينئذ ينبغي عليه التكفير. وعن مقاتل قال : أمر الله نبيّه (ص) أن يكفّر يمينه ويراجع وليدته (مارية) فأعتق رقبة وعاد إليها (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) أي أنه هو سبحانه وليكم أيّها المؤمنون وحافظكم ومتولّي أموركم وينصركم (وَهُوَ الْعَلِيمُ) بما فيه مصالحكم (الْحَكِيمُ) في تدبيركم وفي إنزال أوامره ونواهيه. وقيل هو العليم بما قالت عائشة لحفصة.
* * *
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥))
٣ إلى ٥ ـ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ ...) أي حين أسرّ (ص) إلى حفصة زوجته (حَدِيثاً) أي كلاما أمرها بكتمانه وعدم إفشائه لأن السرّ ينبغي إخفاؤه (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) أي أخبرت غيرها بما أسرّ به إليها