رسول الله (ص) ، (وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) أي أطلع نبيّه (ص) على ما وقع من حفصة من إفشاء سرّه (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) أي عرّف النبيّ (ص) حفصة بعض ما ذكرت وأخبرها به ، وترك بعض ما ذكرت ولم يخبرها به ولم يعاتبها. وهذا يدل بأنه (ص) قد علم بكل ما قالته لأن إعراضه عن بعض يدل على تمام معرفته ، وهذا من كرم خلقه (ص) فلم يستعص معها كلّ ما عرفه من قولها (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ) أي حين أخبرها بما علم من أمرها بعد أن أظهره الله تعالى على ذلك (قالَتْ) حفصة له : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) يعني من عرّفك إياه وأخبرك به؟ (قالَ) صلىاللهعليهوآله : (نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) أي أخبرني به العليم بجميع الأمور ، الخبير بذوات الصدور. ثم خاطب سبحانه عائشة وحفصة معا : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) من المعاونة على إيذاء النبيّ (ص) والاتفاق عليه فقد وجبت عليكما التوبة مما كان منكما ، فإن تفعلا ذلك (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي مالت إلى الإثم كما عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : عدلت عن الثواب إلى ما يوجب الإثم فيما فعلتما. وقيل معناه : إن تبتما قبل الله توبتكما (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) أي تتظاهرا وتتعاونا على إيذائه وتتّفقا. وفي المجمع عن ابن عباس قال : قلت لعمر بن الخطاب : من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول الله (ص)؟ قال : عائشة وحفصة ، وأورده البخاري في صحيحة. فإن تتّفقا عليه (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) أي حافظه وناصره والقائم بحياطته (وَجِبْرِيلُ) كذلك مولاه (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) يعني الأخيار منهم هم أولياؤه أيضا. وفي المجمع أن الخاصّ والعامّ روى أن المراد بصالح المؤمنين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) أي والملائكة أعوانه بعد الله تعالى وجبرائيل عليهالسلام وصالح المؤمنين. ولفظة (ظَهِيرٌ) هي للواحد ولكنها تؤدّي معنى الجمع وذلك كقوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) ، أي رفقاء (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) أي واجب منه سبحانه إن طلّقكنّ يا نساء النبيّ (أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) أي