والسمع والعقل لأنها (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) أي تخفض ناسا فتزجّهم في النار بما عملوا من المعاصي فيصبحون أذلة مخزيّين بعد أن كانوا أعزّة في الدنيا ، وترفع أناسا فتوصلهم إلى الجنّة والنعيم بما عملوا من الطاعة فيصيرون أعزّة مرضيّين في حين أنهم كانوا أذلة في حياتهم الدّنيا لأنهم كان يستهزئ بهم الكفّار.
٤ إلى ١٦ ـ (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ...) أي إذا حرّكت الأرض وهزّت هزة عنيفة وزلزلت زلزالا شديدا فمات من على ظهرها من جميع ذوي الحياة. وقيل ترجّ بأن تخرج ما في بطنها (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) أي تفجّرت وتفتّتت واجتثّت من أصلها. وقيل بسطت فكانت كالرمل المنبسط وكتراب السهل ليس فيها تلّة ولا كثيب. (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) أي غبارا موزعا. والهباء هو ما نراه في شعاع الشمس الذي يدخل إلى البيت من كوّة ضيّقة. والحاصل أنه إذا كان ذلك من قيام القيامة ورجّ الأرض وبسّ الجبال ، بعثتم من بعد الموت وقمتم للحساب (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) بعد الحساب ، أي أصنافا ثلاثة فصّلها سبحانه وتعالى فقال : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم ويكونون من أهل الخير ، فيؤخذن نحو اليمين لأنهم من أهل الجنة. وقد مدحهم سبحانه وكرّر ذكرهم بتعجّب فقال : (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ)؟ أي أيّ شيء هم؟ يعني : هم ما هم ، وشأنهم عظيم (وَ) أمّا (أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) أي أهل الشؤم الذين يعطون كتبهم بشمالهم ويسيّرون نحو الشمال أي إلى جهنّم الذي تعجّب سبحانه من شأنهم فقال : (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ؟) مندّدا بشأنهم في العذاب العظيم. ثم ذكر تبارك اسمه الصّنف الثالث بقوله : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) أي السابقون إلى اتّباع أوامرنا التي أوحينا بها إلى رسلنا ، فإنهم يسبقون جميع العباد إلى الثواب العظيم والعطاء الكريم. لأنهم سبقوا لكلّ طاعة وكلّ خير ، فسبقوا إلى أسمى منازل الرضوان عند الله تبارك وتعالى (أُولئِكَ