عليها صخرة عظيمة. ولما وافاها الأجل (قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) فرفعها الله سبحانه إليه شهيدة تأكل وتشرب ويأتيها رزقها الدائم مع الشهداء والصالحين. فقد دعت ربّها بذلك وقالت (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) أي خلّصني منه ومن كفره ودينه الذي هو عليه (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي من أعوان فرعون الظالمين لأنفسهم ولغيرهم. وقال مقاتل : يقول الله سبحانه لعائشة وحفصة : لا تكونا بمنزلة امرأة نوح وامرأة لوط في المعصية وكونا بمنزلة امرأة فرعون ومريم ابنة عمران الذي قال تعالى فيها : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) أي منعته من دنس المعصية وكانت عفيفة عن الحرام ممتنعة عن الأزواج ولم تبتغ رجلا ولا زوجا (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) أي نفخ جبرائيل عليهالسلام بأمرنا في جيبها وخلق الله تعالى عيسى عليهالسلام من تلك النفخة فصار حيّا (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) آمنت بما جاء عن ربّها على لسان رسله وبما أوحاه لهم ولملائكته ، (و) صدّقت ب (كتبه) المنزلة على رسله كالتوراة والإنجيل (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) أي من المطيعين لله تعالى. ولم يقل (مِنَ الْقانِتِينَ) لأن أهلها كانوا كذلك نساء ورجالا ، فغلّب سبحانه المذكّر على المؤنث.
وفي المجمع عن معاذ بن جبل أنه قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله على خديجة وهي تجود بنفسها فقال : أكره ما نزل بك يا خديجة ، وقد جعل الله في الكره خيرا كثيرا. فإذا قدمت على ضرّاتك فاقرئيهنّ منّي السلام. قالت : يا رسول الله : ومن هنّ؟ قال : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وحليمة أو كليمة أخت موسى ـ والشكّ من الراوي ـ فقالت : بالرفاء والبنين.
* * *