١٠ ـ آخر السورة ـ (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...) أي الذين أحرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار كما مرّ وعذّبوهم بها لإيمانهم يريدون بذلك ردّهم إلى الكفر (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) لم يستغفروا الله من الشّرك الذي هم عليه. وقد ذكر سبحانه التوبة لأنه وجّه إليهم الوعيد التالي : (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) جزاء كفرهم وشركهم (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) جزاء حرقهم للمؤمنين ، يعني أن لهم أنواعا من العذاب في جهنّم ... أما المؤمنون فقال تعالى عنهم (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) صدّقوا بالله ووحدّوه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قاموا بالطاعات المطلوبة (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) مرّ تفسيرها و (ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) أي : وهذا هو النجاح العظيم والظفر بالثواب الجزيل. وبالمقابل توعّد الكافرين والمعاندين بقوله تعالى : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) أي أن أخذ ربّك ـ يا محمد ـ للكافرين بالعذاب أخذ أليم ، فسيأخذهم بالعنف ليضاعف عليهم البلاء والعناء في الآخرة (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ) يعني أنه سبحانه يبدئ الخلق في الدنيا (وَيُعِيدُ) أولئك الخلق أحياء بعد الموت ليحاسبهم ويجازيهم بحسب أعمالهم (وَهُوَ الْغَفُورُ) المتجاوز عن ذنوب التائبين من المؤمنين ومن أهل طاعته ، بل هو كثير المغفرة لأنه استعمل صيغة (فعول) وهو (الْوَدُودُ) المحب لعباده الصالحين وأوليائه من المؤمنين ، وهو (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) صاحب ذلك العرش ذي العظمة والحسن والعلوّ والكمال والرفعة. وأكثر القراءة في (الْمَجِيدُ) الرفع لأنه هو سبحانه الموصوف بالمجد (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) يفعل ما يشاء ولا يعجزه شيء ولا يمتنع عليه كائن. ثم انتقل سبحانه لذكر بعض من كفر وحلّ به عذابه في الدنيا قبل الآخرة فقال مخاطبا رسوله صلىاللهعليهوآله ليتّعظ سائر الناس : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ) أي هل بلغك خبر أولئك الذين جنّدوا أنفسهم لمحاربة أنبيائه ورسله (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) في محلّ جرّ على أنها بدل من (الْجُنُودِ) فتذكّر خبرهم يا محمد والتفت إلى ما فعلوه من تكذيب