بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦))
١٦ ـ آخر السورة ـ (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ...) ضرب الله تعالى لهم مثلا بخلق الإبل ... أي الجمال ـ لأنها كانت وسيلة عيش لهم في عصر النبوّة الكريمة. أي ألا يتفكرون ويعتبرون بخلق الإبل وما جعل فيها من منافع إذ يخرج من ضروعها اللبن الصافي من بين الفرث والدم ، وقد ركّب الله فيها من عجيب الخلق وعظم إيهامه ثم ذلّلها للصغير والكبير وسخّرها لمنافع الناس من اللحم إلى اللبن إلى الجلد إلى الوبر فالفرث فغيره من الركوب ونقل الأثقال ، وجعلها من أعزّ ما لهم وأغلى مقتضياتهم لا تكلّفهم طعاما وتجلب لهم الخير الكثير ، أفلا ينظرون إلى خلقها العجيب؟ فأنا أصنع لأهل الجنّة أحسن ممّا صنعت لأهل الدنيا ممّا ينتفعون به ، فليعتبروا وليتّعظوا (وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) أي : أفلا ينظرون كيف رفع الله تعالى السماء فوقهم بلا عمد ، ثم جعل فيها الخير الذي ينزل على العباد ، وبث فيها الشمس والقمر والنجوم لمنافعهم (وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) أي كيف جعلت أوتادا تثبت بها الأرض من أن تميد بأهلها (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) أي كيف بسطها سبحانه وجعلها واسعة يمشون فيها ويأكلون من رزقه ويستفيدون ممّا جعلت لهم فيها من معايش ومعادن وخيرات ، فلو تفكّروا بذلك لعلموا أن لهم صانعا ومدبّرا هو الذي أوجدهم ورزقهم وتكفّل بحياتهم ، وأوحى لنبيّه صلّى الله عليه قائلا (فَذَكِّرْ) يا محمد الناس وعرّفهم بذلك وأدعهم إلى التوحيد فإن التذكير هو طريق العلم وسبيل والمعرفة (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) تذكّرهم بعظمة الله وبنعمه الوفيرة ، وتنبّههم إلى ما يجب عليهم من التوحيد والشكر والعبادة لربّهم الخالق الرازق المنعم وذلك بأن تقدّم لهم هذه الأدلة الواضحة على وجوده وعلى قدرته وفضله و (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) أي لست متسلطا