النَّارُ)(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ) أي في ذلك اليوم تكون وجوه ذليلة بالعذاب الذي ينزل بها ، فأصحابها يشاهدون الويلات والشدائد والأهوال ويكونون خاضعين لما يراد بهم أذلّة لما يغشاهم ، فوجوهه (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) يعني أنها عاملة في الدنيا بالمعاصي ، ناصبة : متعبة في النار بمعالجة لهبها وسلاسلها وأغلالها. وقيل إنهم الرهبان الذين يتعبون في الدنيا بالعمل الذي يكون خلاف ما أمر الله ، وأهل البدع والباطل والضلال. وقال أبو عبد الله عليهالسلام ـ كما في المجمع ـ : كلّ ناصب لنا وإن تعبّد واجتهد ، يصير إلى هذه الآية : عاملة ناصبة .. (تَصْلى ناراً حامِيَةً) أي تتلظّى وتلزم الاحتراق في نار قد بلغت حرارتها الغاية (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) أي يكون شرابها من عين وقد بلغت أناها لأن الآنية هي البالغة النهاية في الشدّة والحرارة ، وقال الحسن : قد أوقدت عليها جهنّم مذ خلقت فدفعوا إليها عطاشا. وهذا شرابهم ، ولكن طعامهم ف (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) الضريع : نبت شائك تأكله الإبل وهو يضرّ ولا ينفع ، وإذا يبس فهو أخبث طعام لا ترعاه دابّة من الدواب ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك ، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار ، سمّاه الله الضريع ... ولمّا نزلت هذه الآية قال المشركون : إن إبلنا لتسمن على الضريع وكذّبوا في ذلك لأن الإبل لا ترعاه ، فقال سبحانه يكذّبهم (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) فهو لا يردّ جوعا ولا يأتي بسمنة ... ثم انتقل سبحانه لوصف أهل الجنة ، فقال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) أي وفي ذلك اليوم تكون وجوه منعّمة في أنواع الملذّات والطيّبات قد ظهر عليها أثر النّعم الكثيرة فهي مسرورة مشرقة (لِسَعْيِها راضِيَةٌ) أي أنها راضية عن عملها في الدنيا الذي أدّى بها إلى الجنّة. وهذا يعني أنها قد رضيت بثواب سعيها أي عملها للطاعات ، وهي (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) أي في جنّة مرتفعة القصور ، عالية الدرجات. وقيل إن علوّ الجنّة على ضربين : علو درجاتها