لأنها في أعزّ مكان ، وقيل مطهّرة من الشك فيها أو التناقض أو غيره من الاختلاف (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) أي بأيدي سفراء الوحي بين الله تعالى ورسله. وعن الصادق عليهالسلام أنه قال : الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة (كرامة) كرامة عند ربّهم وهم أعزّاء عنده (بَرَرَةٍ) مطيعين سامعين له ، وقيل : هم كرام عن المعاصي ، صالحون متّقون. وعن مقاتل أن القرآن كان ينزل من اللوح المحفوظ الى السماء الدنيا ليلة القدر الى الكتبة من الملائكة ثم ينزل به جبرائيل عليهالسلام الى النبي صلىاللهعليهوآله .. ثم عرض سبحانه لمن يكذّب بآيات ربّه فقال : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) أي عذّب الإنسان ولعن إذ ما أشد كفره وما أعظم ضلاله مع وضوح البراهين على توحيد الله والإيمان به! وهذا تعجب من عظيم كفره مع الشواهد القائمة على التسليم بوجود الله وقدرته. وقيل إن (ما) للاستفهام والكلام يعني : أي شيء أدّى به الى الكفر والعناد وجرّه الى إنكار الوحدانية مع هذه النّعم التي منحه الله إياها والتي كان ينبغي أن تنبّهه الى خالقه ورازقه إذ قال تعال : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)؟ أي فلينظر الى خلقه وابتداء وجوده ، فقد استفهم سبحانه استفهام تقرير أي أننا نعرف ، وهو يعرف ، أصل خلقته لأنه (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) آي أن أصله من تلك النّطفة المعلومة الحال أوجده الله تبارك وتعالى وجعل له هذا الجسم القويم بسائر حواسّه وأعضائه التي قدّرها له وقدّر معها عمره ورزقه وجميع مقوّمات حياته (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) يعني أنه سهّل له سبيل الخروج من بطن أمه ، وقيل يسر له طريق الهداية وبيّن له طريقي الخير والشر ومكّنه من الاختيار لنفسه وأحياه حياة ميسورة (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) أي قضى بإنهاء حياته ، وانتهى به الأمر الى أن يقبره الناس في لحد ولم يجعله طعمة للسّباع والهوامّ (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) أي إذا أراد أحياه في قبره وبعثه منه في يوم النشور للحساب (كَلَّا) أي حقا ، وليست للردع هنا (لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) أي أنه قصّر