المحفوظ ، أو صحائف الأعمال والله أعلم (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) أي في الجلد الذي يكتب فيه ما يكتب. أستعير لما كتب فيه الكتاب. وتنكيرهما للإشعار بأنهما ليسا من المتعارف بين النّاس بل هو أمر آخر من ذخائر الله تعالى (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) قال بعض الأكابر من المفسّرين : هو بيت في السماء الرابعة عمر بالملائكة ، وقيل هو الصرح (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) السقف من البيت هو المرتفع منه الذي يحيط بسطحه وجدرانه وهو معروف. وسقف كل شيء بحسبه من البيوت والخيم ونحوهما وارتفاع كلّ سقف بحسبه وأرفعها السماء فإنه سقف الأرض ولذا اختصّه بالذّكر فقال تعالى (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) أي أقسم بالطور ، وبالكتاب المسطور ، وبالبيت المعمور ، وبالسقف المرفوع لعظمتها فصارت مقسما بها ، وكذلك قوله : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) وقد روي أن البحار يوم القيامة تجعل نارا وتسجر بها جهنّم كقوله (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أي ملئت ونفذت بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا والحاصل ان المراد بالبحر المسجور هو الذي يمتلئ نارا فتنفذ إلى غيره وهكذا حتى يصير مجموعها بحرا واحدا مملوءا من النّار. فإنه تبارك وتعالى بعد أن أقسم بكلّ ما ذكر ، قال : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) حيث إنه إذا نزل القدر عمي البصر ، وهذه كناية عن وقوع الشيء على ما قد قدّر ، ولا يغيّر عما هو كائن.
* * *
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا