راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠))
١٥ ـ آخر السورة ـ (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ ...) أي إذا امتحنه واختبره (فَأَكْرَمَهُ) بأن أعطاه النّعم الكثيرة (وَنَعَّمَهُ) جعل عيشه رغيدا بما أفاض عليه من الرزق والصحة والأمن والزوج والولد (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) أي أنه يسر بذلك ويقول إن ربّي وهبني ذلك كلّه لكرامتي عنده ، وهو يظن أن كرامته عند الله تعالى تتجلّى بسعة الدنيا التي أعطاه إياها (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) بالحاجة أو الفقر التام (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) يعني فضيقه عليه وقتّره (فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) أي أنه يظن بينه وبين نفسه أنه ليس في محل كرامة من الله تعالى ، وأنه أذله بالفقر وأنزل فيه المسكنة والحاجة (كَلَّا) أي : ليس كما ظنّ هذا ولا كما ظنّ ذاك ، فإنني لا أعطي الإنسان لكرامته عندي ، ولا أحرمه لهوانه عليّ ، ولكني أعطي من أشاء وأمنع عمّن أشاء بحسب حكمتي وتدبيري ووفق ما يقتضي صلاح العبد ، أمّا إكرامي فيكون على الطاعات ، وأمّا إهانتي فتكون على المعاصي ... ثم فصّل سبحانه بعض المعاصي فقال : (بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) أي الولد الذي لا أب له فإنكم لا تعطونه ممّا وهبكم الله ، ولا تغنوه عن ذل السؤال والحاجة. وذكر سبحانه اليتيم خاصة لأنه القاصر الذي لا كافل له يتولّى أمره ، ولذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة ، وأشار بالسبّابة والوسطى (وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أي لا تحثون على إطعامه ولا تتواصون بالصدقة عليه. وقرئ : لا تحاضّون أي : لا يحضّ بعضكم بعضا (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ) أي الميراث الذي يتركه الميّت ، وقيل هو هنا أموال اليتامى لأن الميراث الحلال لا يلام الوارث على أكله. وقد كانوا لا يورّثون النساء والصبيان ويأكلون سهامهم ، فأنتم تأكلون ذلك (أَكْلاً لَمًّا) أي أكلا تلمّون به جميعا بحيث تأخذون نصيبكم ونصيب غيركم ، ولا تفكّرون في الطيّب