وخرج النبت من التربة بواسطة نزول المطر فصارت الحبوب والفواكه والخضروات ، فإذا نظرنا إليها ودققنا في كل ورقة من أوراقها لوجدناها كتاباً وسفراً يحكي لك عن معرفة الله.
* *
والآيات الست السابقة تدعو إلى «النظر» بينما الآيات الخمس التي بعدها تدعو إلى «الرؤية» بالرغم من أنّ كلاً من هذين الاصطلاحين في كثير من الأحيان يستعملان بمعنى واحد ، إلّاأنّه كما يستفاد من قواميس اللغة المعروفة ـ يطلق «النظر» على حركة العين والتفحص والدقة في مشاهدة شيءٍ ، بينما تطلق «الرؤية» على نفس المشاهدة (١) ، بالطبع أنّ كلا المفردتين تستعملان بمعنى المشاهدة الحسية تارة وبمعنى المشاهدة الذهنية والفكرية تارة اخرى ، إلّاأنّه ينبغي الالتفات إلى أنّ المعنى الأولي لهما هو المشاهدة الحسية.
وعلى أيّة حال ، فإنّ الآية السابعة تدعو المشركين لمشاهدة مختلف النباتات التي تنبت أزواجاً أزواجاً في أرجاء المعمورة.
والآية الثامنة تدعو المشركين كذلك إلى رؤية مياه البحار ومصدرها تلك القطرات العالقة في الغيوم وهطولها منها على الأرض اليابسة وخروج الزرع الذي يستفيدون منه هم وأنعامهم.
وقد أشارت الآية التاسعة إلى جميع آيات «الآفاق» و «الأنفس» ، وهي آيات الله في هذا العالم العظيم وفي العالم الصغير وهو وجود الإنسان ، وقالت : نحن نريكم آيات الآفاق والأنفس كي يتبين لكم الحق ويتضح.
والآية العاشرة دعت إلى مشاهدة الطيور وكيفية طيرانها في السماء ، فتارة صافّات اجنحتها وتارة اخرى قابضات ، وهذا الأمر هو الذي يجعلها تطير في السماء خلافاً لجاذبية الأرض ، كما أنّ طيرانها بسرعة تارة بصف الأجنحة واخرى بقبضها ، وكأنّ هناك قدرة خفية تدفعها إلى الأمام ، ولكلٍ من الطيور شكلها الخاص بها والوسائل الضرورية لحياتها.
__________________
(١). يراجع مفردات الراغب ولسان العرب مادة «نظر».