وكلمة «النُهى» تَعني «العقل» ومن مادة «نهي» على وزن (سَعْي) ويعني المنع من شيء مأخوذ ، وقد صرح كثير من أئمة اللغة (كصاحب المفردات ومجمع البحرين ولسان العرب وشرح القاموس) أنّ هذه التسمية جاءت من حيث إنّ العقل ينهى عن الأعمال المشينة.
وَ «الصدر» في الأصل يعني القسم الأمامي الذي تحت الرأس (في الجسم) ومن ثم اطلق على القسم الأعلى والمقدم لأي شيءٍ ، مثل صدر المجلس أي أعلاه ، وصدر الكلام أي بدايته ، وصدر النهار أي أوله (كما جاء ذلك في المفردات ولسان العرب).
إلَّا أنّه قد يستفاد من بعض الكلمات معنى المقدمية والبداية لكل شيء ، وعلى كل حال ، بما أنّ العقل عضو مهم ويقع في الجزء الأعلى من البدن أُطلق عليه صدر ، خاصة وأنّ القلب الجسماني يقع في وسط الصدر (العضو المعروف من البدن) ، وسنذكر فيما بعد أنّ هناك علاقة وثيقة بين انقلاب القلب العضوي والانقلابات العقلية.
أمّا كلمة «الروح» في الأصل تعني التنفس ، وبما أنّ هناك علاقة وثيقة بين التنفس وبقاء الحياة ، استعملت بمعنى النفس ومركز العقل وفهم الإنسان.
وقد صرح البعض أن كلمتي «الروح» و «الريح» اشتقتا من أصل واحد ، وإذا سميت الروح ـ التي هي وجود مجرّد ومستقل ـ روحاً فذلك من حيث إنّ الروح كالريح توجد الحيوية والحركة من دون أن تُرى.
وَكلِمة «النفس» ـ وكما يقول الراغب وصاحب القاموس ولسان العرب وكتاب العين ـ تعني الروح التي هي مركز إدراكات الإنسان ، إلّاأنّ القرآن الكريم ذكر مراحِلَ النفس : «فالنفس الامارة» هي النفس التي تأمر الإنسان بالمعاصي وترغبه بها ، و «النفس اللوامة» وهي التي تندم على المعاصي التي ارتكبها الإنسان وتوبخه عليها ، و «النفس المطمئنة» وهي التي تتحكم بجميع الشهوات والميول وقد وصلت إلى مرحلة الاطمئنان.
من مجموع ما سبق ، يتبين لنا أنّ القرآن المجيد استعمل مفردات كثيرة للإشارة إلى العقل ، وكلٌّ من هذه المفردات تشير إلى جانب من جوانب هذا الوجود النفساني ، وبتعبير آخر كلٌّ منها يتعلق ببعد من أبعاد العقل.