«الفطرة» : جاءت من مادة فَطْر ، ويعتقد البعض أنّها في الأصل تعني «البَقْر» وهو الشقّ (١) ، بينما يعتقد البعض الآخر أنّها تعني الشق طولاً ، ثم استعملت بمعنى الخلق ، وكأنّ ستار العدم يُبْقر ويُمزّق فتخرج منه الموجودات الحية ، كما يقال للعمل المنافي للصوم كتناول الطعام (إفطار) ، فيقال : إنّ ذلك بسبب بِقْر شيء ممتد ومتصل.
ويقال للنبات الذي يفطر الأرض ويبقرها «فُطر» لأنّه يبقر الأرض ويخرج منها ، وقد يطلق على حلب الثدي بالأصابع «فَطْر».
كما أنّ العجين إذا اختمر وصُيِّرَ خبزاً اطلق عليه «فَطْر» (٢).
وعلى كل حال ، فإنّ المراد من هذه المفردة في الآيات هو الخلقة الإلهيّة الاولى ، والهداية التكوينية نحو حقائق مودعة في روحِ الإنسان وهو مجبول عليها.
وأمّا كلمة «النفس» ـ وكما أشرنا سابقاً ـ فتعني «الروح» وقد يطلق على ذات الشيء «نفس الشي» كما جاء ذلك في القرآن الكريم (ويحذّركم الله نفسه) كما قد جاءت هذه المفردة بمعنى «الدم» و «العين» و «الشخص» (٣).
كما أنّها قد تطلق اطلاقاً خاصاً على «النفس الامارة» إلّاأنّها جاءت في الآيات هنا بمعنى «الوجدان» الذي يشكل قسماً من روح الإنسان.
وكلمة «صِبْغَة» مشتقة من مادة «صَبَغَ» أي طلى لوناً ، ويطلق على نتيجة العمل «صبغة» ، و «صِبْغ» يعني الطعام الذي يؤكل مع الخبز بحيث يكون الخبز كالصبغة لذلك الطعام ، وادعى البعض أنّه يعني زيت الزيتون الذي يغمس فيه الخبز ويؤكل.
ويقول الراغب : إنّ «الصبغة» المذكورة في الآية إشارة إلى العقل الذي جُبِلَ عليه الإنسان وميّزه عن الدواب ، وهو كالفطرة (٤).
__________________
(١). لسان العرب.
(٢). كتاب العين ، ولسان العرب ، ومفردات الراغب.
(٣). مجمع البحرين الطريحي ، مادة (نفس) ، ومفردات الراغب.
(٤). مفردات الراغب ، مادة (صبغ).