تطلق «البينة» على معاجز الأنبياء ، و «البيان» يعني رفع ستار الأبهام عن شيءٍ ، سواء كان بالنطق أو بالكتابة أو بالإشارة.
٤ ـ «التكليم» و «تكَلُّم» من مادة «كلم» ، وفي الأصل ـ كما يقول الراغب ـ يعني التأثير الذي يُرى أو يُسمع ، فالذي يُرى كجُرح الآخرين ، والذي يُسمع فهو الحديث الذي نسمعه من الآخرين.
يذكر الخليل بن أحمد في كتابه «العين» : أن أصل التكليم يعني «الجرح» ، وعلى هذا فاطلاقه على النطق كان بسبب التأثير العميق الذي يتركه الحديث في قلوب المستمعين له ، بل قد يكون تأثير الكلام أشد من تأثير السيف والخنجر ، وكما يقول الشاعر العربي المعروف :
جراحات السنان لها التئامٌ |
|
ولا يلتامُ ما جرح اللسانُ |
ويستفاد من بعض العبارات أنّ «التكليم» و «التكلم» لهما معنى واحد ، وكلاهما بمعنى النطق والحديث ، ولهذا عدت «متكلِّم» احدى صفات الله ، في حين إِذا أردنا التقيد بالآية : (وَكَلَّمَ الله مُوسى تَكْلِيما) ينبغي القول أن الله «مُكلِّم».
ولا يستبعد احتمال استعمال مفردة «التكلّم» في موارد حيث يحدّث شخصٌ شخصاً آخرَ ، إلّاأن «التكليم» مثل «المكالمة» تطلق على الحديث المتبادل بين طرفين ، وكلام الله مع موسى عليهالسلام في جبل طور من هذا القبيل.
ومن هنا يطلق «علم الكلام» على علم العقائد ، لأنّه يذكر أنّ أول بحث بُحث فيه بعد الإسلام هو كلام الله (القرآن) ، حيث كان البعض يعتقد أنّه أزلي ، والبعض الآخر : أنّه حادث. وقد أدّى الخلاف في هذه المسألة في القرون الاولى من عهد الإسلام إلى شجار ونزاعات شديدة ، حدثت بين المسلمين آنذاك (١).
ونعلم الآن أنّ ذلك النزاع لم يكن له أساس ولا نتيجة ، لأنّه إِذا اريد من القرآن محتواه،
__________________
(١). ذكر هذا الاحتمال في دائرة معارف القرن العشرين كأول احتمال في مجال التسمية هذه ، دائرة معارف القرن العشرين ، فريد وجدي ، ج ٨ مادة (كلم).