فهبط إليها ومعه سلمان فأخذ المعول وضرب الصخرة ضربة صدعها ، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتي المدينة ، فكبر رسول صلىاللهعليهوآله والمسلمون ، ثم الثانية كذلك ، ثم الثالثة ، ثم خرج وقد صدعها ، فسأله سلمان عمّا رأى من البرق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أضاءت الحيرة وقصور كسرى في البرقة الاولى ، وأخبرني جبرئيل أنّ امتي ظاهرة عليها ، وأضاء لي في الثانية القصور الحمر من أرض الشام والروم ، وأخبرني أن أمتي ظاهرة عليها ، وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء ، وأخبرني أن امتي ظاهرة عليها ، فأبشروا ، فاستبشر المسلمون» (١).
لم يصدق المنافقون هذه البشارة التي ساقها الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله وأخذوا يستهزئون بقولهم : يا للعجب كيف رأى قصور الحيرة وقصور ملوك ايران والروم واليمن من المدينة وكيف بشر بالانتصار على هؤلاء ونحن الآن محاصرين من قبل مجموعة من جيش اعراب مكة؟ إنّ هذا الكلام لا أساس له ولا حقيقة.
إلّا أنّ الحوادث المستقبلية أثبتت صحة ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآله.
وقد يحمل البعض الشهود هنا على معنىً مجازي ، لكن لا مبرر لهذا الحمل مع إمكان الحمل على المعنى الحقيقي.
٢ ـ لقد ورد في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام حول معركة مؤتة (التي وقعت بين المسلمين والروم الشرقية في شمال الجزيرة) : «أنّ المسلمين عندما ذهبوا للقتال بقيادة جعفر بن أبي طالب ، فإنّ الرسول صلىاللهعليهوآله كان يوماً في المسجد وقد تسطحت له الجبال والارتفاعات فشاهد جعفراً يقاتل الكافرين ثم قال : قتل جعفر» (٢).
وقد جاءت تفاصيل اخرى عن هذا الموضوع في روايات اخرى ، حدث أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ارتقى يوماً المنبر بعد صلاة الصبح ، فصوَّر للمسلمين ساحة المعركة في مؤتة بدقة ، وتحدّث بالتفصيل عن شهادة «جعفر» و «زيد بن حارثة» و «عبدالله بن رواحة» وكأنّه يرى المعركة بأم عينيه ، والجدير بالذكر أنّ التواريخ المعروفة ـ عند ايرادها لهذه القصة ـ
__________________
(١). الكامل في التاريخ ، ج ٢ ، ص ١٧٩.
(٢). بحار الأنوار ، ج ٢١ ، ص ٥٨ ، ح ٩.