حُجُب المعرفة وآفاتها
تمهيد :
في بحثنا حول طرق العلم والمعرفة تمكّنا من اجتياز قسم من محطات هذه الطرق وقد سلمنا بوجود واقعيات خارج إطار الذهن ، وقلنابان امكانية إدراك تلك الواقعيات لدى الإنسان هو شىء معقول إلى حدٍ ما ، وقد عرفنا بدقة مصادر المعرفة الستة.
كما علمنا أن خمسةً من مصادر المعرفة أي «الحس» و «العقل» و «الفطرة» و «التاريخ» و «الوحي» عامة ويستطيع الجميع الاستعانة بها للوصول إلى المعرفة المرادة ، إلّاأنّ المصدر السادس وهو الشهود الباطني مصدر خاص بفريق من المؤمنين وأولياء الله ، ولا يتمتع بها الجميع.
بقي محطتان ينبغي العبور منهما للوصول إلى المراد ، الاولى «موانع طرق المعرفة» ، والاخرى «ممهدات المعرفة» ، والبحث هنا ينصب على الموانع.
فمما لا شك فيه : أنّ العين لوحدها لا تكفي لرؤية الموجودات والأشخاص ، بل ينبغي أن لا يكون هناك حجاب أو مانع يحول دون الرؤية ، فلو كان هناك دخان أسود أو غبار أو ضباب غليظ يحول بيننا وبين الشيء المراد رؤيته فانّا لا نرى الشىء الذي أمامنا وحوالينا مهما كان قربه منّا ، فضلاً عن البعيد ، فالشمس التي تنير كل ارجاء العالم بنورها الساطع تُحجب رؤيتها عنا إذا حالت الغيوم بينها وبيننا.
فإذا استفاد شخص من نظارة سوداء قاتمة السواد ، فطبيعي أنّه لا يرى شيئاً ، وإذا استفاد من نظارة ملونة فانّه سيرى الأشياء ملونة (حسب لون نظارته) ، وإذا كانت عدستا نظارته