الحقائق ، حيث نرى البعض غير مستعدين للتخلي عن عقائدهم بأي شكل كان رغم وجود الأدلة القطعية على بطلانها ، وإنّ أشخاصاً كهؤلاء لو أقمنا لهم ألف دليل ودليل على أنّ للدجاج رجلين ، قالوا : كلا ، بل رجل واحدة! ولو أخذناهم بأيدينا تحت نور الشمس الساطعة وقلنا لهم : إنّه نهار ، قالوا : لا بل ليل!
لقد عكست الآيات التي ذكرناها في بداية البحث هذه الحقيقة بوضوح ، واعتبرت هؤلاء صُمّاً وعمياً وأمواتاً ، وطبع على قلوبهم ، أو أنّ قلوبهم مغلقة فلا يفقهون شيئاً.
وقد جاء في الروايات الإسلامية مضامين تستند إلى نفس المضمون الذي جاء في الآيات المذكورة ، وفيها توبيخ لأهل اللجاجة والعناد.
منها قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «اللجوج لا رأيَ له» (١).
ومنها قوله عليهالسلام كذلك : «اللَّاجُ يُفسد الرأي» (٢).
وكذا قوله عليهالسلام : «ليس للجوجٍ تدبير» (٣).
وقال الإمام عليهالسلام نفسه في الخطبة القاصعة : «فالله الله في كِبْر الحَمية وفخر الجاهلية فإنّه ملاقح الشنآن ، ومنافخ الشيطان ، التي خدع بها الأمم الماضية والقرون الخالية حتى أعنقوا في حنادس جهالته ومهاوي ضلالته» (٤).
ننهي حديثنا بكلام آخر لنفس الإمام العظيم ، في جواب له على رسائل أهالي مدن مختلفة حول حوادث صغيرة : «مَنْ لَجّ وتمادى فهو الراكسُ الذي رانَ اللهُ عَلى قلبه وصارت دائرة السوء على رأسه» (٥).
بالطبع ـ وكما قلنا سابقاً ـ إنّ الاصرار والالحاح في الحق ليس تعصباً ، وإذا أطلقنا عليه تعصباً فهو «تعصب ممدوح» ، ولهذا جاء في حديث للإمام علي بن الحسين عليهالسلام عندما سُئِل
__________________
(١). غرر الحكم.
(٢). المصدر السابق.
(٣). المصدر السابق.
(٤). نهج البلاغة الخطبة ١٩٢.
(٥). المصدر السابق الرسالة ٨٥.