فقال عبد الله : يا أمير المؤمنين لقد نبهتني ، أخبرني أي ذنب ارتكبته حتى أصاب بهذا الحادث المؤلم كي لا أعود إلى ذنبي فإنّ ذلك يسعدني.
فقال عليهالسلام : «عندما جلست على السرير لم تقل : (بسم الله الرحمن الرحيم) ألم تعلم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال عن لسان ربِّه : (إنّ كل عمل ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر ولا ثمرة فيه).
فقال عبد الله : فديتك لا أدعها بعد هذا أبداً.
فقال الإمام عليهالسلام : «إذن ستكون سعيداً» (١).
ولكن من الواضح أنّ الاسم الأعظم أو بسم الله الذي هو أقرب ما يكون إليه ليس المقصود منه جريان ألفاظه على اللسان ، فالتلفظ لوحده لا يحل العقد المستعصية ولا يفتح أبواب الخيرات والبركات ولا ينتظم به شتات الأمور ، بل المراد هو التخلق به.
يعني أنّ مفهوم بسم الله يجب أن يذوب في روح الإنسان وباطنه ، وعندما يتلفظ بها بلسانه يشعر أنّ كامل دقائق وجوده قد دخل في الحِمى الإلهيّة وصار من أعماق وجوده يستمد من ذاته المقدّسة.
وينبغي الانتباه إلى أنّ التأكيد على الابتداء ببسم الله ليس فقط في الكلام وإنّما في الكتابة أيضاً كما في كتاب سليمان عليهالسلام إلى بلقيس.
في حديث الإمام الصادق عليهالسلام : «لا تدع البسملة ولو كتبت شعراً» ثم ذكر الإمام عليهالسلام أنّهم كانوا يبدأون رسائلهم قبل الإسلام بعبارة (بسمك اللهم).
ولما نزلت الآية الكريمة (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وإِنَّه بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، بدأوا رسائلهم بعبارة (بسم الله).
وفي حديث آخر نقرأ أنّ الإمام الهادي عليهالسلام وصى أحد وكلائه وهو داود الصرّمي الذي قال : أمرني عليهالسلام بحوائج كثيرة فقال لي : قل كيف تقول؟ ، فلم أحفظ مثل ما قال لي ، فمدّ الدواة وكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» اذكر إن شاء الله والأمر بيد الله ، فتبسمت ، فقال : «ما
__________________
(١). بحار الأنوار ، ج ٧٣ ، ص ٣٠٥ مع التلخيص.