الرحوم «هود» ، فعندما دعاهم إلى التوحيد وترك الظلم والاجحاف والترف أجابوه : (سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ الوَاعِظِينَ) وبهذا كشفوا عن تحجرهم وصلابتهم تجاه كلام النبي المنطقي ، وذلك لعدم سماح حجاب التقليد لهم بقبول الحقيقة.
* *
وقد كشفت الآية الثانية عن مواقف مشركي العرب عندما كانوا يُدعون إلى ما أنزل الله ، وإلى ترك عبادة الأصنام ، وترك البِدَع في تحريم كثير من الامور الحلال ، وكان جوابهم آنذاك : (حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) فيظنون أنّ هذا يغنيهم عن القرآن هادياً!!
إلّا أنّ القرآن أراد ايقاظهم من غفلتهم هذه وأراد تمزيق حجاب التقليد عندهم فأجابهم : (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُم لَايَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ) وهل يجوز تقليد الجاهل الضالّ:؟!
* *
والآية الثالثة أشارت إلى مشركي العرب أيضاً (أو فريق من ذوي الصفات الشيطانية) فانهم إذا ما سُئِلوا عن سبب إتيانهم الفاحشة والعمل القبيح؟ أجابوا : (وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا) ولا يكتفون بهذا بل قد يضيفون : (وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا).
فينفي القرآن هذه التهمة الكبيرة ويقول : (انَّ اللهَ لَايَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
يعتقد كثير من المفسرين أنّ المراد من «الفحشاء» في الآية الكريمة هو طوافهم رجالاً ونساءً عراة في عصر الجاهلية ، حيث كانوا يعتقدون : أنّ الملابس التي ارتكب بها ذنب ليست أهلاً لأنّ يُطاف بها حول بيت الله الحرام.
وعلى هذا المنوال ، كان ينتقل عملهم القبيح هذا من نسل إلى نسل بالتقليد الأعمى ، وما كان التقليد يسمح لهم لأنّ يدركوا قبح هذا الفعل.
* *