«هل مررت بطريق مليء بالأشواك في يوم ما؟ قال السائل : نعم ، قال : الم تجمع ثيابك وترفع اذيالك وتسعى للخلاص من الأشواك؟ فحالتك هذه هي التقوى».
نعم ، إنّ الطريق إلى الله مليءٌ بالأشواك كأشواك الشهوات والميول والأهواء والآمال البعيدة والكاذبة ، ومن هنا ينبغي على الإنسان أن يحافظ على ثباته فيتجنب أن يكون عرضة لهذه الأشواك ، وينبغي أن لا تشغله عن مسيره إلى الله سبحانه وتعالى.
وهذا لايكون إلا باليقظة والمعرفة والخبرة ومراقبة النفس على الدوام.
وبتعبير أبسط : إنّ التقوى هي الوقاية من الآفات التي تعترض الروح في سيرها التكاملي ، وتجنّبُ الذنوب والشبهات حتى الوصول إلى الملكة.
وقد ذكر بعض المفسرين معانيَ عديدة للتقوى ، وجاؤوا بشاهد من القرآن لكلٍ منها ، وفي الحقيقة أنّ كلاً منها مصداق من مصاديق التقوى ، مثل التوبة والطاعة والإخلاص والإيمان (العبادة والتوحيد) (١).
ويقول البعض : إنّ حقيقة التقوى هي أن يجعل الإنسان حائلاً أو مانعاً أمام آفة ما ، فكما يدفع الإنسان تأثير ضربات العدو بالدرع ، كذلك المتقون فانهم يصونون أنفسهم من عذاب الله بواسطة درع طاعة الله (٢).
نقسّم التقوى إلى ثلاث مراحل : التقوى عن الكفر ، والتقوى عن الذنب ، والتقوى عما ينسي الإنسان ذكر ربّه (٣).
ولكن ـ كما هو واضح ـ فإنَّ المعاني هذه كلها ترجع إلى المعنى الأساسي الذي ذُكر للتقوى في البداية.
* *
__________________
(١). وجوه القرآن ، ص ٥٥ ؛ التفسير الكبير ، ج ٢ ، ص ٢٠.
(٢). تفسير روح البيان ، ج ١ ، ص ٣٠ و ٣١.
(٣). المصدر السابق.