ويقول البعض : إنّها تعني الشخص الصادق في اعتقاده وكلامه ، يكشف سلوكه عن صدق اعتقاده (١).
وتجتمع جميع هذه المعاني في القول بأنّها صيغة مبالغة لصادق ، لأنّ المفهوم آنذاك يكون شاملاً لجميع المعاني المتقدمة ، وعلى هذا فالمسلم أنّ المراد ليس جميع المؤمنين بل المؤمنون أصحاب الدرجات الرفيعة في ايمانهم.
أمّا «الشهداء» فقد يكون المراد من ذلك هو أنّ المؤمنين الصديقين لهم أجر كأجر الشهداء ، كما جاء ذلك في حديث للإمام الصادق عليهالسلام عندما جاءه شخص يطلب الدعاء له بالشهادة ، فاجابه الإمام عليهالسلام : «إنّ المؤمن شهيد» ثم تلا الآية : (وَالَّذِيْنَ آمَنُوا ...) (٢).
كما يحتمل أن يكون المراد من الشهداء ، هو الشهداء على أعمال الناس ، لأنّ المستشفَّ من آيات عديدة هو أن فريقاً من المؤمنين (الأنبياء والأئمّة) يشهدون على الأمم.
ولا يبعد الجمع بين هذين المعنيين (٣).
إنّ «الأجر» في عبارة «لهم أجرهم ونورهم» تعني جزاء الأعمال ، أمّا «النور» ففسّرَه البعض بأنّه النور الذي يسعى بين أيدي المؤمنين الذي يفتح الطريق نحو الجنة يوم القيامة ، إلَّا أنّه لا دليل على هذا التحديد ، وقد جاء هنا مطلقاً ، فينبغي القول بعمومية مفهومه وشموله للنور الذي يجعله الله للمؤمنين في الدنيا كما يشمل النور الذي يهتدي به المؤمنون إلى الجنة يوم القيامة (٤).
__________________
(١). المفردات ومجمع البحرين مادة (صدق) ، تفسير الميزان ، ج ١٩ ، ص ١٨٦ ؛ تفسير المراغي ، ج ٢٧ ، ص ١٧٤ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٣٦.
(٢). تفسير مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٣٨.
(٣). احتمل البعض أنّ جملة (وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ليست عطفاً على الجملة التي سبقتها ، وأنّها جملة مستقلة مركبة من مبتدأ وخبر ، إلّاأنّ هذا الاحتمال بعيد جدّاً.
(٤). الظاهر من تعبير بعض المفسرين أن الضمائر في جميع هذه الجمل ترجع إلى المؤمنين ، بينما يصرح صاحب الميزان بأنّ الضمير في «لهم» يرجع إلى «الذين آمنوا» والضميرين الآخرين يرجعان إلى «الصديقين» و «الشهداء» ، أي أولئك الذين لهم أجر الصديقين والشهداء ولهم نورهم ، إلّاأنّ هذا الاحتمال بعيد.