النحو يتمّ تأليف كتاب باسم كتاب «الطب».
بيد أنَّ القرآن ليس كذلك ، فهذا الكتاب نزل على مدى ٢٣ سنة وفقاً للحاجات والظروف الاجتماعية المختلفة والوقائع المتباينة ، والمراحل التربوية المتفاوتة ، وكافة شؤون حياة المجتمع الإسلامي ، وفي نفس الوقت لم يتعلق بزمانٍ ومكانٍ معينين!
ففي وقت تدور كافة بحوث القرآن حول محور مقارعة الوثنية والشرك وبيان التوحيد بكل فروعه ، والسّور والآيات النّازلة في هذه المرحلة كلّها في المبدأ والمعاد : (كالسور التي نزلت في مكّة خلال السنوات الثلاث عشرة الاولى من البعثة).
وفي زمان آخر نرى محور البحث والحديث ساخناً وقوياً حول الجهاد وكيفية مواجهة الأعداء في الداخل والخارج والمنافقين.
وعندما تقع غزوة الأحزاب فتنزل سورة الأحزاب ، وما لا يقل عن ١٧ آية منها تتحدث عن هذه المعركة والتجارب والقضايا التربوية فيها ووقائعها.
وحينما جرت واقعة صلح الحديبية نزلت سورة الفتح وبعدها فتح مكّة وغزوة حنين نزلت سورة الإخلاص وآيات أخرى.
والخلاصة ، فتزامناً مع انتشار الإسلام والتحرك العام للمجتمع الإسلامي كانت تنزل الآيات المناسبة وتصدر الأوامر اللازمة ، وهذا ما كان يكمّل المسيرة التكاملية للإنسان.
واستناداً إلى ما ذكرنا آنفاً ، يتضح المغزى من التفسير الموضوعي وهو جمع الأحداث والوقائع المتعلقة بذلك الموضوع وترتيبها لتتجلى وجهة نظر القرآن الكريم بشأن ذلك الموضوع وأبعاده.
فمثلاً ، تُجمع الآيات المتعلقة ببراهين معرفة الله كالفطرة ، وبرهان النظم وبرهان الوجوب والإمكان وباقي البراهين ، وحيث إنّ القرآن يفسّر بعضُه بعضاً تتضح أبعاد هذا الموضوع (١).
__________________
(١). لقد رويت عبارة «القرآن يفسّر بعضه بعضاً» عن ابن عباس ، وليس من المستبعد أن يكون قد أخذها عن النبي صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام نتيجة لعلاقته القوية معهما في مسائل القرآن ، كما ورد مضمونها في نهج البلاغة ـ