بعد فرض كون التصرف جائزاً ، ومن أصالة احترام مال المسلم الذي لا يحل إلا بالإباحة والأصل عدمها ، فتثبت أجرة المثل بعد التحالف. ولا يبعد ترجيح الثاني. وجواز التصرف أعم من الإباحة.
______________________________________________________
كلمات القائلين بالثاني : أن المقام لا بد فيه من التحالف ، فيحلف المالك على عدم العارية ، ويحلف مدعي العارية على نفي الإجارة ، فيثبت للمالك أجرة المثل.
هذا والذي ينبغي هو التعرض لصور المسألة ، فنقول : الأجرة المسماة تارة : تكون في الذمة ، وأخرى : في الخارج ، والأولى تارة : تكون مساوية لأجرة المثل ، وأخرى : تكون أكثر منها ، وثالثة : تكون أقل. فالصور أربع :
الأولى : أن تكون مساوية لأجرة المثل ، كأن يدعي المالك : أنه آجر. زيداً داره بدينار. ويدعي زيد : أنها عارية. ومحل الكلام صورة ما إذا كان النزاع بعد انقضاء مدة الإجارة التي يدعيها المالك ، فنقول : بناء على كون المعيار في تطبيق المدعي والمنكر مضمون كلام المتداعيين ، يكون كل واحد منهما مدعياً ومنكراً لمدعي خصمه في جميع الصور الأربع ، لأن كلاً من الإجارة والعارية خلاف الأصل ، فيتحالفان. وحينئذ فإن ثبتت قاعدة احترام مال المسلم ، بمعنى : الحكم بضمانه على من هو عنده حتى يثبت ما يقتضي عدمه ، من إباحة أو عارية مجانية ـ واستشهد لها في مفتاح الكرامة ، وتبعه في الجواهر بصحيح إسحاق بن عمار عن أبي الحسن ، الوارد فيمن استودع رجلا ألف درهم فضاعت ، فقال الرجل : إنها وديعة ، وقال الآخر : إنها قرض. قال (ع) : « المال لازم له ، إلا أن يقيم