______________________________________________________
بالاعتماد ، لاقتصار كلماتهم على خصوص اليمين ، وظاهرهم الاعتماد على نصوص اليمين من حيث كونها يميناً ، ومن الجائز أن لا يكون اعتمادهم على هذا الخبر ، فلم يثبت انجباره ، ولا سيما بملاحظة ما دل على مشروعية المقاصة ، وعموم قوله تعالى ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (١).
هذا والذي تحصل مما ذكرنا أمور :
( الأول ) : أن حكم الحاكم لا يغير الواقع ، بل هو محفوظ في نفسه وعلى حاله. ( الثاني ) : أن علم الحاكم إجمالاً لا ينافي حكمه بخلاف العلم. ( الثالث ) : أن حكم الحاكم فاصل للخصومة ومانع من النزاع وإن علم أحد الخصمين وكلاهما ببطلانه ، وأن هذا الأثر حكم واقعي. ( الرابع ) : أن حكم الحاكم بالنسبة إلى موادة حكم ظاهري ، لا يجوز العمل به مع العلم بخلافه إجمالاً أو تفصيلا ، وإنما يجب العمل به مع الشك. ولا فرق بين المتخاصمين وغيرهما من سائر المكلفين. ( الخامس ) : أن بناء جمع من الأصحاب على انفساخ العقد بعد التحالف ـ إذا كان النزاع في العقود ـ مما لا دليل عليه ، فلا مجال للبناء عليه. وكذا البناء على أن الحاكم له الولاية على الفسخ. ( السادس ) : يستثنى من جواز العمل بالعلم ـ إذا كان على خلاف الحكم ـ المقاصة ، فلا تجوز المقاصة من المحكوم عليه إذا كان عالما بثبوت حقه ، وكان مستند الحكم اليمين. ( السابع ) : أنه لا يلحق بالمقاصة أخذ العين نفسها ، ولا التصرف فيها بغير نحو المقاصة ، سواء كان التصرف خارجيا مثل اللبس ونحوه ، أم اعتبارياً مثل الإبراء والوقف. ( الثامن ) : أن حرمة المقاصة مختصة بما إذا كان مستند الحكم اليمين ، فلا مانع من المقاصة إذا كان مستند الحكم البينة ، أو النكول ، أو الإقرار خطأ أو اشتباهاً.
__________________
(١) البقرة : ١٩٤.