لخروجه بعده عن كونه أميناً ، وجهان. ولو أقر بحصول الربح ثمَّ بعد ذلك ادعى التلف [١] أو الخسارة ، وقال : إني اشتبهت في حصوله ، لم يسمع منه [٢] ، لأنه رجوع عن إقراره الأول. ولكن لو قال : ربحت ثمَّ تلف ، أو ثمَّ حصلت الخسارة ، قبل منه.
______________________________________________________
[١] يعني : ادعى تلف أصل المال قبل الاتجار به ، إذ لو كان المراد أنه ادعى التلف بعد الربح فلا إشكال في سماع قوله ، لعدم المنافاة مع إقراره بوجه ، كما سيأتي فرضه.
[٢] قال في الشرائع : « ولو قال العامل ربحت كذا ورجع لم يقبل رجوعه. وكذا لو ادعى الغلط » ، وفي التذكرة : « لو قال ربحت ألفاً ثمَّ قال : غلطت ، وإنما ربحت مائة ، أو تبينت أنه لا ربح هنا ، أو قال : كذبت في الاخبار خوفاً من انتزاع المال لم يقبل رجوعه ، لأنه أقر بحق عليه ثمَّ رجع فلم يقبل كسائر الأقارير » ، ونحوها كلام غيرهما. وعلله في الجواهر بسبق إقراره الماضي عليه بقاعدة : إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، وقاعدة : عدم سماع الإنكار بعد الإقرار ، السالمين عن معارضة قاعدة : سماع الأمين في كل ما يدعيه ، بعد عدم ثبوت هذا العموم وانما الثابت المسلم ما لم يسبق بإقرار .. إلى آخر كلامه.
هذا ولا يخفى أن قاعدة : عدم سماع الإنكار بعد الإقرار ، تختص بما إذا كان الإنكار وارداً على ما ورد عليه الإقرار ، بحيث يكون معارضاً له ، كما إذا قال : لك علي درهم ، ثمَّ قال : ليس لك علي درهم. أما إذا كان الإنكار وارداً على أمر آخر غير الواقع الذي ورد عليه الإقرار ـ كما في المقام ـ لم يكن وجه للرد ، فان قوله : اشتبهت ، أو غلطت أو ما قصدت الواقع وإنما كان إخباري تورية ، أو قصدت الواقع لا بقصد