لوجوب العمل بالوصية ـ وهو الاتجار ـ فيكون ضررا عليهم [١] من حيث تعطيل حقهم من الإرث وإن كان لهم حصتهم من
______________________________________________________
هذا ولا يبعد وحدة الواقعة المحكية بالخبرين ، ولا يظهر منهما أنه من المضاربة ، ولا من الإنشاء للمضاربة حال الحياة ، بل ما تحت العبارة هو الأمر بالعمل والاذن به على أن للعامل نصف الربح ، ومن الجائز أن تكون معاملة خاصة بينه وبين وصيه في حال الحياة وإن كان موضوعها بعد الوفاة ، تشبه المضاربة من جهة والجعالة من جهة أخرى. أو هي وصية عهدية بالولاية على مال الصغير ـ كما في الرواية الأولى ـ أو عليه وعلى ماله ـ كما في الثانية ـ ولا دخل لهما فيما نحن فيه.
[١] لم يتضح الفرق بين هذه المسألة وما تقدم ، فقد ذكر هناك أن الضرر منجبر بكون الاختيار لهم في الفسخ ، فلم لا يكون الضرر المذكور هنا أيضاً منجبر بكون الاختيار لهم في الفسخ؟! وقد عرفت فيما سبق أن الضرر الحاصل من الوصية موجب لبطلانها ، ولا ينجبر بالاختيار في الفسخ والإجازة ، فهي تصح مع عدم الضرر للعموم ، وتبطل معه لقوله تعالى : ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (١).
فان قلت : لا مجال لفسخ الوارث هنا ، لأن الفسخ إنما يشرع للعامل والمالك ، والوارث هنا ليس واحداً منهما ، لأن المضاربة كانت بين الموصي والعامل ، وقد مات الأول فليس للوارث الفسخ حتى ينجبر الضرر به. وبذلك افترقت هذه المسألة عن سابقتها ، فإن المضاربة في سابقتها بين الوارث والعامل.
قلت : المفروض في المسألة السابقة وقوع المضاربة بين الوصي والعامل والوارث إن تولى العقد فهو من باب كونه الوصي ، لا من باب كونه الوارث ، والوصي يتصرف بالنيابة عن الميت ، والوارث أجنبي عنه ، فإذا
__________________
(١) البقرة : ١٨٢