عليه حكم العقل أو عموم النقل ، والمهم منها أربعة (١). فإن مثل (٢) قاعدة الطهارة فيما اشتبه طهارته بالشبهة الحكمية (٣) ؛ وإن كان مما ينتهي (٤) إليها فيما لا حجة على طهارته ولا على نجاسته ، إلا إن البحث (٥) عنها ليس بمهم ، حيث إنها ثابتة بلا كلام ، من دون حاجة إلى نقض وإبرام ، بخلاف الأربعة وهي البراءة والاحتياط والتخيير والاستصحاب ، فإنها محل الخلاف بين الأصحاب ، ويحتاج تنقيح مجاريها وتوضيح ما هو حكم العقل أو مقتضى عموم النقل فيها إلى مزيد بحث وبيان ومئونة حجة
______________________________________________________
(١) وهي الاستصحاب والتخيير والبراءة والاشتغال ، وقد يعبر عنه : بالاحتياط تسمية للملزوم باسم لازمه ، والمقصود واحد. أما غيرها من «أصالة العدم» و «أصالة عدم الدليل دليل العدم» ، و «أصالة الحلية» و «أصالة الحظر» فقد قيل : باندراج الأولى في الاستصحاب ، والثالثة في البراءة ، والآخرين في الأمارات ؛ لكنه لا يخلو عن إشكال ، والتفصيل لا يسعه المقام.
(٢) غرضه : الاعتذار عن عدم تعرضهم لقاعدة الطهارة ، مع أنها في الشبهات الحكمية من الأصول العملية.
وحاصل ما أفاده في الاعتذار يرجع إلى وجهين :
الأول : أن حجيتها لا تحتاج إلى النقض والإبرام ؛ بل هي ثابتة عند الكل من دون خلاف فيها ولا كلام ، فلا حاجة إلى البحث عنها ؛ بخلاف الأربعة المزبورة ، فإنها محل البحث وتحتاج إلى النقض والإبرام.
الثاني أن قاعدة الطهارة مختصة ببعض أبواب الفقه ـ أعني : باب الطهارة والنجاسة ـ بخلاف غيرها من الأصول الأربعة ، فإنها عامة لجميع أبواب الفقه.
(٣) أما أصالة الطهارة الجارية في الشبهات الموضوعية : فهي مما لا ينتهي إليها المجتهد ؛ للعلم بالحكم الكلي ، فيجوز للمقلد إجراؤها أيضا ؛ كالشك في طهارة الماء الموجود في هذا الإناء ، مع عدم العلم بحالته السابقة ، فإنه يحكم المقلد بطهارته أيضا ، ويرتب آثارها عليه.
(٤) يعني : المجتهد ، وضمير «إليها» راجع على الموصول في «مما» المراد به الأصول والقواعد.
(٥) هذا إشارة إلى الوجه الأول المتقدم بقولنا : «الأول : أن حجيتها ...» الخ. وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.